Deprecated: Function create_function() is deprecated in /home/www/drfmim.com/wp-content/plugins/LayerSlider/wp/widgets.php on line 4

Deprecated: define(): Declaration of case-insensitive constants is deprecated in /home/www/drfmim.com/wp-content/plugins/export-plugins-and-templates/export-plugins-templates.php on line 11
والله لو بيدي..! - د. فراس محمد

والله لو بيدي..!

في بداية التسعينيات كنت طالب بالجامعة، ومن بين الأساتذة اللي درسوني كان الأستاذ الدكتور لبيد إبراهيم أحمد العبيدي (الله يرحمه توفي سنة 2012) أستاذ التاريخ الإسلامي، دكتور لبيد الله يرحمه كان أستاذ من طراز الأساتذة اللي يمثلون الحقبة الذهبية للجامعات العراقية، حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة مانتشستر ببريطانيا سنة 1965، منضبط جدا بالمواعيد، أنيق دوما، ضابط لقاعة الدرس، يقول حاضرت في كبرى جامعات العالم خلال مدة عملي.

واذكر من بين كلامه أنه قال لما دخلت الجامعة والدي اشترى لي سيارة مرسيدس كشف، كانت نادرة، عندي وحدة والملك فيصل الثاني كانت عنده وحدة بنفس الموديل واللون، رحت بيها للكلية مرة وحدة وشفت الأساتذة سياراتهم عادية وبعضهم أصلا ما عنده سيارة فاستحيت أروح بيها للدوام مرة ثانية وتركتها بالبيت.

لما كان يدرسنا صادف أن موعد محاضرته هو الساعة 8:30 صباحا، يعني المحاضرة الأولى، وكانت التعليمات بجامعة بغداد تمنع الطالب من الدخول بعد الأستاذ للمحاضرة، لدرجة أن بعض الأساتذة كان إذا دخل القاعة وبعده طلاب يمشون بالممرات يسد الباب بوجههم وما يتجرأ أحد على الدخول واللي يتورط ويفتح الباب يحصل رزالة ناشفة، لكن هذه التعليمات كانت تستثني الربع ساعة الأولى من المحاضرة الأولى على أساس مراعاة الازدحامات، هذا يعني أنها تنطبق على محاضرة الدكتور لبيد اللي كان يدخل المحاضرة ساعة 8:30 بالضبط، ويگعد على المنصة، ويگول ما أدرس ولا أبدأ المحاضرة إلا الساعة 8:45 وإذا بدأت لا يفكر أحد بالدخول.

بيوم من الأيام دخل طالب متأخر قبل الساعة 8:45 هذا الطالب كان اسمه محمد سبع – بعدني أتذكر اسمه – وما كان من أهل بغداد، وكان طالب حاله حال باقي الطلاب، (أقصد ما كان مزعج أو يسيء الأدب)، لكنه كان رياضي وبذاك اليوم الكلية كان عندها لعبة، فدخل وهو لابس ملابس الرياضة (تراكسود) وعلى أيامها كانت المودة الموجودة تراكسود منفوش ومبطن وعبارة عن قطع من الألوان الزاهية، والطالب طويل ولما دخل للقاعة مشى من الباب لآخر القاعة على راحته وهو مبتسم كأنه طاووس (والعادة كانت أن المتأخر يدخل بسرعة ويگعد  بمكانه) بهذي الأثناء كان الدكتور لبيد يتابعه بنظراته، وأنا كنت بأول كرسي بالمنتصف يعني بوجه الأستاذ، وكان الله يرحمه يعتبرني أنا وطالب آخر اسمه عدي أفضل طالبين في هذي القاعة، فقال لي: والله لو بيدي ما أسمح لأي طالب يدخل الجامعة بعد الإعدادية إلا بعد ما يروح يخدم بالجيش حتى لو 9 أشهر نص خدمته، تدري ليش؟ حتى ما يدخل علينا واحد مثل هذي الدخلة بهذي الملابس ويمشي يتبختر، هذا لو خادم عسكرية وحدة من الاثنين لو ما نشوفه بالجامعة لإن بعد ما يحتاجها خصوصا وأن كثير من الطلاب كانوا يدرسون حتى يقللون مدة الخدمة العسكرية أو يؤجلوها، أو نشوفه بالجامعة وساعتها يدخل علينا بغير هذ الدخلة كان شفته بالاستعداد وسريع ومنتبه.

طبعا بعدها لما تخرجت وتعينت بالجامعة كنت أتعامل بنفس السياسة اللي كان يتعامل بها أساتذتنا، لأن هذا الموضوع يتعلق بهيبة التعليم والمؤسسة التعليمية مو موضوع شخصي أبدا والحقيقة الطلاب ما كانوا يختلفون كثيرا حتى بعد الاحتلال وحصول تغييرات مجتمعية – على الأقل لغاية سنة 2006 – والحقيقة ما أعرف وضع الجامعات والطلبة بعد 2006 بالعراق بشكل جيد، لكن شفت نماذج بالخارج عجيبة غريبة، مسألة الدخول بعد الأستاذ هذي عادية وطبيعية وهي الأساس، أما غيرها فأكواب الگهوة على الطاولات والعلچ أثناء المحاضرات، وآخر شي شفته قبل يومين، طالبة طلعت من جنطتها اللفة وبدت تاكل عادي جدا

الله يرحمك دكتور لبيد كنت متعجب من محمد سبع لإن دخل للمحاضرة بملابس الرياضة! قبل كم يوم شفت طالب بالمحاضرة بنعال اللاستيك مال الحمام والأغرب طلع كل يوم يداوم بهذا الوضع، طبعا مو لإنه فقير لإنه يدفع 800 دولار على المادة اللي هي 14 محاضرة، لكن لإن التعليم ما له أي هيبة، وأكثر شي ممكن الأستاذ يسويه هو ضبط القاعة من خلال منع الأحاديث الجانبية والسيطرة على إدارتها، وحتى هذي يلوموه عليها، لأنه المفروض “يطنش” وما يشغل نفسه بهذي القاضيا…

آخ والله لو بيدي…. د. فراس محمد