د. فراس محمد
كل احتلال يمر على مكان ينتج مجموعة أفرازات، واحنا – ولا يهون جيراننا – خبراء احتلال بالتجربة، لدرجة تخلينا نقارن بين الاحتلالات ونتمنى لو نرجع نعيش بحياة واحد منها لأنه أرحم من الحاضر.. حتى لما نتكلم على الحكام اللي تسلطوا على رقابنا وحكمونا غصبا على اللي خلفونا، ولزگوا بالكراسي لزگة ما شالهم منها إلا انقلاب أو غزو، نقارن بين مجرم ومجرم أكثر منه إجراما حكمنا، ونتمنى لو نرجع لعهد المجرم الأول – لإن گبل ويــــــن هسه ويـــــن – بدل ما نقيس الاحتلال بحالة الحرية الطبيعية، أو الحاكم المجرم بالحاكم العادل بأي مكان بالعالم.
ولأن أبو طبع ما يجوز من طبعه، خلي نشوف شنو افرازات آخر احتلالين.
لما جاء الاحتلال الانگليزي نتيجة للحرب العالمية الأولى، كان من إفرازاته الثروة الفجائية والفقر الفجائي، ناس انتشلهم الاحتلال من الأكواخ للقصور – بالعافية عليهم – لكنهم قلة، وناس اكتسحهم الاحتلال من القمة للحضيض – يا الله يوم لك ويوم عليك والدنيا دولاب – وهم الأكثرية، أما الواقع الاجتماعي فتغير، وصار الناس ولأول مرة يشوفون الأبقار والجاموس تمشي بالشوارع، واللي يمشي بالشورجة مثلا لازم يدير باله من القذراة بالگاع، ومن الماشين لا تطلع بقرة لو جاموسة وتنطحه، وبدت تظهر مشاكل ما كانت معروفة گبل، هذا الطفل خايف ويبچي بالشارع ويصيح: ((يمه الهايشة راح تنطحني))، وطفلة ترجف وتگول الجاموسة تباوعني وسوت عينها حمرا… ومن هذي المشاكل، في سبيل الواحد يفتح باب بيتهم وياخذ الحليب من المصنع البايولوجي الطبيعي إلى معدته مباشرة – رفاهية ما عرفها أحد غيرنا بوقتها – وما لكم شغل بالأنامل اللي حلبت البقرة، هي نفسها وبنفس التوقيت كانت تجمع فضلات الأبقار والجاموس اليابسة من الطريق… هذي كانت أكبر مصايبهم ومشاكلهم بسبب إفرازات الاحتلال الانگليزي.
تعالوا خلي نشوف إفرازات الاحتلال الأمريكي، حتى نشوف العم سام شنو اللي قدمه وأبو ناجي شنو اللي قدمه – يگولون الأمريكان محد يلحگهم بالتقدم والتكنولوجيا –
بالنسبة للغنى والفقر، فهذي يبين ثابتة ويه كل محتل يعني مثل الطماطة بالطبخ، بس خلونا نشوف سالفة الأبقار والحليب.. صحيح الاحتلال الأمريكي ما أفرز لنا أبقار بالشارع يحلبوها ويوزعون حليبها على البيوت الصبح، لكن في الواقع گدر يطلع طبقة بالمجتمع، المجتمع نفسه ما كان يعرفها! طبقة واحدهم شكله وجسمه شكل إنسان بس هو ثور أعمى وهايج.. يعني إذا كل فترة صارت سالفة مات بيها 100 لو أكثر لو أقل، فلا تستغربون لإن هذي رفسة بسيطة من الثور المهدود، وشلون ثيران! ما تمشي وحدها وتمشي بالقطعان! والله الأمريكان عندهم سوالف، وشقاهم ثگيل!
د. فراس محمد