د. فراس محمد
المفوضية (السفارة) العراقية بطهران تأسست سنة 1931، ولأهميتها عين الملك فيصل السيد توفيق السويدي – وقد كان رئيسا للوزراء في السابق – أول وزير لها (سفير) بدرجة وزير من الدرجة الأولى.
سافر السويدي من بغداد في الساعة الثامنة والربع من يوم 12 مارس/آذار سنة 1931 ووصل طهران عن طريق البر، وبدأ يبحث عن مكان ليكون مقرا للسفارة، ورأى أن أفضل مكان لها هو عقار يملكه أولا صوفير وهم يهود عراقيين، وكان العقار كبير موقعه بشارع البنايات السبع، يضم أبنية عدة وحديقة مساحتها وحدها عشرة آلاف متر مربع، فاتفق معهم على أن يؤجرها منهم ثلاث سنوات كل سنة بـ 200 دينار، طبعا ميزانية السفارة كلها لسنة 1931 كانت 200 دينار وأساسا هذا المبلغ كان لا يؤثث ربع السفارة، فكيف يتصرف السويدي؟!
أرسل السويدي طلبا للحكومة العراقية، قال لهم انا مستعد لتأثيث السفارة من جيبي الخاص على أن تعيدوا لي المبلغ من ميزانية الحكومة لسنة 1932 فوافقت الحكومة، فجاء السويدي إلى السيد عباس مهدي السكرتير الأول في السفارة والسيد أحمد وصفي الملحق الأول، وسلمهم مبلغ من جيبه الخاص وتولوا عملية الصرف بأنفسهم بينما كان هو يختار الأثاث ويشرف على ترتيبه، وباشر عمله وبدأ باستقبال الشخصيات والوفود في السفارة، وبعد ذلك بسنة صرفت الحكومة العراقية المبلغ له.
قبل أشهر قليلة جمعني لقاء بالأستاذ الدكتور عبد الستار الراوي – الله يعطيه الصحة والعافية – آخر سفير للعراق في طهران قبل الاحتلال (1998-2003) فذكرت له قصة تأسيس السفارة وأثاثها، فقال لي – على ما أذكر -: ((تعرف أني لما باشرت عملي في طهران ذكروا لي أن هناك أثاثا ومقتنيات تابعة للسفارة قديمة فذهبت وأطلعت عليها ووجدت الأثاث مجموعة من التحف والأنتيكات التي لها قيمة عالية))
كان ذلك الأثاث الذي أثثه السويدي بنفسه مع موظفين اثنين فاختاروا ما يليق بالعراق، رحلوا وشهد لهم من جاء بعدهم.
د. فراس محمد