Deprecated: Function create_function() is deprecated in /home/www/drfmim.com/wp-content/plugins/LayerSlider/wp/widgets.php on line 4

Deprecated: define(): Declaration of case-insensitive constants is deprecated in /home/www/drfmim.com/wp-content/plugins/export-plugins-and-templates/export-plugins-templates.php on line 11
فتح الصندوق الأسود الأمريكي - د. فراس محمد

فتح الصندوق الأسود الأمريكي

ذهب ليزور أقاربه فداهمت القوات الأمريكية منزلهم بحثاً عن أحد الأبناء، وعندما لم تجده «ومن باب أنهم «مكلفين نفسهم وجايين عيب يمشون ويدهم خالية»، اعتقلوا كل الرجال بما فيهم الضيف واقتادوهم إلى سجن «أبو غريب» سيء الصيت، بعدها بأيام قليلة أطلقوا سراح ذوي المطلوب واحتفظوا بالضيف سنة كاملة، تعرض خلالها لأنواع من التعذيب، منها أنهم حشروه لأكثر من شهر داخل أنبوب حديدي وجردوه من ملابسه في شتاء العراق البارد، ويأتون إليه كل ساعة بدلو مليء بالماء والثلج ليلقوه عليه، بعد هذا الشهر نقل إلى غرفة حديدية مظلمة لا يرى فيها يده ولا يعرف الليل من النهار مدة ثلاثة أشهر، إلا أنه يسمع على مدار الساعة أصوات نساء يصرخن ورجال تنخلع القلوب من صراخهم بسبب التعذيب، وخلال هذه المدة يؤخذ للتحقيق فيتلقى أنواعاً من الإهانات الجسدية والنفسية، هددوه باغتصابه بواسطة كلب مدرب، وفعلاً ربطوه وأطلقوا عليه كلباً ضخماً تم تدريبه على الاغتصاب وعندما شعر أن الكلب سيفعلها أبلغهم أنه سيفعل كل ما يريدون ويعترف بما لم يفعل، بعد سنة أطلق سراحه ولم يعرف سبب اعتقاله.
تلك كانت قصة من بين آلاف القصص الموثقة والتي شهد بها أصحابها ولم تكن في ثنايا الستة آلاف صفحة التي تكون منها تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي الذي نشر مؤخراً، وكل محتواه حول استخدام وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA وسائل التعذيب خلال استجواب المعتقلين في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، وخلص التقرير إلى أن الـ CIA ضللت الأمريكيين بشأن مدى فاعلية الاستجواب المعدل، وأن إدارة عمليات الاستجواب اتسمت بالسوء، أما وسائل التعذيب التي ذكرها التقرير فكانت الحرمان من النوم والغمر بالماء والإيهام بالغرق والصفع والإذلال والتعريض للبرد، ورغم كل ذلك فإن المعلومات التي تم الحصول عليها جراء هذه العمليات كانت غير جديرة بالثقة.
والواقع أن ما ورد في التقرير لا يعد شيئاً أمام ما سمعناه من قصص التعذيب في معتقلات «أبو غريب» و»بوكا» وغيرها، ومع ذلك لا تتوقف أمريكا عن التدخل في شؤون الدول وتتحدث عن حقوق الإنسان الذي لا تهتم إلا بحقوق كلبه أو قطته، فتحتجز البشر في صحاري وخلجان معزولة عن العالم، وتفعل بهم ما تقشعر له الأبدان، ثم تأتي بعدها لتصف مراكز توقيف تحفل بكل الوسائل التي تحفظ كرامة الإنسان وآدميته في البحرين، وتصفها بالمعتقلات مطالبة احترام حقوق الإنسان المصانة في الأساس.
هذا التقرير يعد بمثابة الصندوق الأسود لأمريكا وقد فتحته لتظهر بعض ما فيه، فهل معلومات الانتهاكات فيه حديثة على أمريكا أم هو أمر متكرر، وكيف ستتعامل معه؟ هذا سيكون المقال اللاحق.

بقلم: د. فراس الزوبعي