قبل زمن التقيت رجلاً ذكر لي جيرانه من أهل الحي أن شارعهم يعد من أفضل الشوارع لولا وجوده وعائلته فيه، فقد كان يؤذي جيرانه بشتى الوسائل، وكان للرجل عدد من الأولاد الصغار سخرهم لإيذاء الناس، فهذا يقذف الحجارة ليكسر زجاج البيوت، وآخر يمر بجانب السيارات وبيده آلة حادة يجرح بها جوانب السيارة، وثالث يرمي الأوساخ وسط الطريق، والباقون كل واحد منهم له عمل تخريبي منشغل به.
كل ذلك بجانب؛ وحديث الرجل عن أولاده بجانب آخر، فعندما يتحدث عنهم أمام من يعرفهم يتصور المستمع أنه يتكلم عن أطفال آخرين، فيتحدث عن أدب وحسن خلق وشهامة قل نظيرها، وأثناء حديثه عنهم جاء أحدهم راكضاً بعدما ضرب أحد أبناء الحي وفتح رأسه بآلة حادة فأغمي على المجني عليه، وهرب الولد ليلوذ بأبيه الذي أول ما رآه قال لنا هذا آخر العنقود والمدلل في الأسرة ومع ذلك هو مجتهد ومجد، «طبعاً الولد ليس فيه معلم من معالم الطفولة» آثار الجروح على وجهه أكثر من آثار الجروح التي على وجه «تايسون» الجروح القديمة في رأسه جعلت منه تقاطع لوس أنجلوس المروري الأكثر تعقيداً في العالم.
ما جعلني أتذكر هذه الحادثة القديمة وأسردها لكم، كلام خطيب الجمعة في طهران «محمد علي موحدي كرماني» الذي خاطب الجمعة الماضية الحوثيين في اليمن محذراً إياهم من «مؤامرات» مجلس التعاون الخليجي عليهم، وخطابه الحوثيين جعل منه ومن إيران من خلفه نموذجاً يتطابق مع تلك القصة، فإيران لم تنفك عن إيذاء جيرانها يوماً ولولا وجودها بهذا السلوك لكانت المنطقة من أكثر مناطق العالم هدوءاً ورفاهية، وما زاد الطين بلة أولادها «الميليشيات» الذين نشرتهم في الدول المحيطة ليخربوا ويقتلوا، ومع ذلك تصفهم بصفات نبيلة لتحاول رفع شأنهم مع أنهم ليسوا أكثر من همج ولصوص وحثالة تسلطوا بتخطيطها على الدول العربية سواء الذين شكلتهم أول مرة في لبنان أو الذين ظهروا في العراق عقب احتلاله أو في سوريا والبحرين وأخيراً اليمن الذين وصفهم «كرماني» بأنهم «مدعاة للفخر» وحيا «صمودهم» وأنهم «قصموا ظهر العدو».
بالله عليكم هل من عاقل يصدق أن الحوثيين مدعاة للفخر! وهم ليسوا أفضل حالاً من ذلك الطفل الذي وصفته لكم، لا والأدهى من ذلك يحذرهم من مؤامرات مجلس التعاون الخليجي عليهم لضرب مقاومتهم!.
بهذه الطريقة تلمع إيران ميليشياتها التي شكلتها من حثالة الأرض، وراحت تطلق عليها عناوين كبيرة ورفيعة كالمقاومة التي هي في واقع الحال ليس أكثر من «مقاولة» بالنسبة لإيران تبسط من خلالها نفوذها في أرض العرب لتذل أهلها وتفرض فكرها وعقيدتها عليهم.
بقلم: د. فراس الزوبعي