Deprecated: Function create_function() is deprecated in /home/www/drfmim.com/wp-content/plugins/LayerSlider/wp/widgets.php on line 4

Deprecated: define(): Declaration of case-insensitive constants is deprecated in /home/www/drfmim.com/wp-content/plugins/export-plugins-and-templates/export-plugins-templates.php on line 11
كي لا نفتتح المزيد من هذه المدارس - د. فراس محمد

كي لا نفتتح المزيد من هذه المدارس

من أبجديات ما تعلمناه ونحن صغار، الإجابة على السؤال الآتي: ماذا تفعل لو واجهت لصاً مسلحاً داخل بيتك، والجواب واحد لدى جميع الأطفال هو سأغلق عليه جميع المنافذ وأمسكه وأسلمه للشرطة، فكان يقال لنا هذه إجابة خاطئة والفعل الصحيح حاصر هذا اللص واترك له طريقاً واحداً للتراجع والهرب، والحكمة في هذا التصرف ليس منح اللص فرصة أخرى للسرقة والإجرام وإنما لتجنب إجرام أكبر منه، فأي إنسان عندما يوضع في زاوية واحدة دون حصوله على أكثر من خيار للتصرف ستصدر منه تصرفات لا يمكن توقعها.
قضية مهمة أثارها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قبل أيام عندما صرح بشأن عودة المقاتلين التونسيين المنضمين لتنظيم الدولة «داعش» في العراق وسوريا قائلاً إن بعض المقاتلين يرغبون بالعودة إلى بلادهم ولا يمكننا منعهم من ذلك ولن نضعهم جميعاً في السجن لأننا إن فعلنا لن يكون لدينا ما يكفي من السجون وسنتخذ إجراءات ضرورية لتحييدهم ونحن نراقبهم، ليكون لمفتي تونس رأي يؤكد على عدم الثقة في توبة العناصر الجهادية المتطرفة ويعتبر ذلك تقية وخداعاً، تصريحات تأتي مع وجود تقرير أممي يشير إلى أن تنظيم الدولة «داعش» يحث عناصره على السفر إلى أوطانهم التي جاؤوا منها وتنفيذ أعمال إجرامية فيها بعد الخسائر التي تكبدها مؤخراً، فتراوحت المواقف من هذا الملف فهناك من يرفض عودتهم قطعاً وهناك من يطالب بسحب جنسيتهم وثالث يريد العفو عنهم.
الجدل حول هذا الموضوع يؤكد عدم وجود رؤية واضحة تجاه العائدين من هذا التنظيم إلى دولهم، ومع هذا الجدل هناك أمور يجب وضعها في الحسبان وهي أن فكر التكفير والتشدد كانت بيئته وحاضنته الأولى هي السجون، وهذا الموضوع لم يكن غائباً عمن غذى هذا التوجه لينتهي به إلى صناعة تنظيم الدولة «داعش»، فقد كانت سجون الاحتلال الأمريكي وحكومة الولي الفقيه التي عينتها في العراق، مدارس لإعداد هذه العناصر، وكانت تعمل على الأبرياء الذين يعتقلون ويطول اعتقالهم ولا يفرج عن أكثرهم ويتفننون في طرق تعذيبهم، حتى يتشربوا هذا الفكر ومن ثم يطلقون إلى المجتمع ليكونوا قنابل موقوتة، فهل من الحكمة اللجوء إلى خيار السجون لتفتتح مدارس التكفير التي تعد مصدر التمويل البشري للتنظيمات المتشددة، أم هل من الحكمة إعدام هؤلاء العائدين؟
في كلتا الحالتين، يجب أن نضع في الحسبان أن هؤلاء لديهم عوائل وأبناء وبدل أن تتخلص الدول من عنصر ستنتج عناصر مقابل كل واحد فأبناؤهم وذويهم سيفكرون بالانتقام وسيجدون أبواب التنظيمات المتشددة مفتحة لهم، وهل من الحكمة غلق أبواب دولهم في وجوههم كي لا يفكروا في التراجع وترك هذه التنظيمات يوماً ما، هل من المعقول أن تنجح هذه التنظيمات في تجنيد المزيد من الشباب يوماً بعد يوم بينما تفشل الدول في سحب من يتفلت من أبنائها إلى هذه التنظيمات.
الحقيقة أن التعامل مع هؤلاء لا علاقة له بالثقة بهم والاقتناع بتوبتهم مطلقاً، بقدر تعلقه بقضية الإصلاح، والطريق الصحيح للتعامل مع هؤلاء هو الذي لم يتم ذكره ومناقشته ألا وهو إعادة التأهيل والتوجيه، فما حصل لهؤلاء الشباب هو تأثير فكري والفكر لا يواجه بغير الفكر، فلا السجون ولا القتل سينهي هذا الفكر ونتائجه، ويجب أن توضع برامج لإعادة التأهيل حفاظاً على المجتمعات، كي لا نفتتح المزيد من هذه المدارس.

بقلم: د. فراس الزوبعي