خطية تعبوا وراحوا!

بسنة 1948 انطلقت ببغداد مظاهرات عدة، احتجاجا على معاهدة پورت سموث، واستمرت أيام، وحدة من المظاهرات اتجهت لبناية مجلس النواب ووگف المتظاهرين بالساحة القريبة من مدخل البناية وهم يهتفون بسقوط المعاهدة، وكانوا يهتفون ضد نواب المجلس بلغة المظاهرات المعروفة، باختصار شبع النواب شتايم، وقسم من النواب كانوا يسمعون هذي الشتايم ويتابعون المظاهرات عن قرب، بهذي الأثناء طلع واحد من المتظاهرين وراح يمشي لبيتهم، بالطريق التقى بصديقه اللي گال له بشر شخبار المظاهرات؟ گال له ولك انت شايف بحياتك شتايم تضحك؟! گال له: لا وين أكون ما شايف.. گال له آني شفت بعيني وسمعت بإذني.. گال له وين؟ گال له هناك يم المجلس المتظاهرين يشتمون النواب والنواب يضحكون! وكلامه صحيح لإن قسم من النواب كانوا يضحكون وقسم صافنين وقسم متحمسين ويه المتظاهرين… المهم بعد الهتافات والخطب الحماسية ترك المتظاهرين الساحة وتوجهوا للشارع العام.. واحد من الصحفيين كان يغطي الأحداث وياهم من شافوا مشوا، گال: “خطية تعبوا وراحوا”.

طبعا بعدها سقطت حكومة صالح جبر، بعد ما طلب منه الوصي التنحي عن الحكم لما شاف حجم المظاهرات وغضب الناس، ولو باقية على صالح جبر ما يترك الكرسي لأنه واجه المتظاهرين بقوة السلاح، ومن ذاك اليوم وسياسة “اضحك للشتيمة… وخطية تعبوا وراحوا” هي العلاج للمظاهرات، خصوصا وان البلد ما بقى به ملك يطرد الحكومة، والحكومة صارت هي الملك.

د. فراس محمد