«لوسي»؛ مجندة أمريكية تتبع إحدى فرق المارينز المتمركزة في إحدى القواعد في المنطقة العربية، نقلت إلى هذه القاعدة مؤخراً واستأجرت شقة لتقيم فيها، وما أن وضعت لوسي رأسها على الوسادة لتنام حتى ظهر أمامها بشاربيه الطويلين مقتحماً غرفة نومها، واقفاً أمامها بتحدٍ كبير، وكأنه يقول لها سأسقيك من كأس الرعب الذي تسقون العالم منه، وإذا بتلك البطلة تقفز فوق فراشها تصرخ وتولول بأعلى صوتها علها تحصل على من ينقذها من هذا الخطر الداهم والوحش الكاسر، وبعد أن اتصلت بأمن العمارة بواسطة هاتفها النقال حصلت على التدخل السريع والدعم الذي أنقذها من هذا الموقف، لا تذهبوا بعيداً فصاحب الشاربين الطويلين لم يكن سوى صرصور صغير.
استطاع ذلك الصرصور الشجاع اقتحام غرفة نوم المجندة، وربما تسلل إليها من تحت باب الحمام وتمكن من محاصرتها داخل الغرفة وأجبرها على عدم دخول الشقة وفسخ عقد الإيجار الجديد والهرب إلى مكان آخر، هذه قصة حقيقية حصلت قبل أيام قليلة لكنها تبين حقيقة الجنود الأمريكيين الذين لم يدخلوا مكاناً إلا ودمروه ولم يدخلوا بلداً إلا وأحالوه إلى خراب ومكنوا أراذل أهله منه، ترعبهم حشرات عندما تكون المواجهة خالية من التكنولوجيا والأسلحة، أما صناعة الشخصية العسكرية الأمريكية التي في أذهاننا، ليست أكثر من نتاج أفلام هوليود التي تصور الجندي الأمريكي بطلاً خارقاً، كما في «رامبو» وغيره التي جعلتنا نراه يطير في الهواء وبيده الأسلحة ويجهز على خصمه قبل أن يلمس الأرض، وإذا جرح يدوس على جراحه المميتة ويكمل المواجهة حتى ينتصر ويظهر بعد ثوان وقد وضع على جرحه لفاف صغير وهو يمشي بثقة ونشوة النصر بادية عليه، لتظهر بعدها كلمة «The End».
ليست هذه القصة الأولى التي تكشف الكذبة الكبرى عن الشخصية الفولاذية للجندي الأمريكي، فقد سبق وأن شاهدنا في بعض التقارير عن حربهم في العراق كيف كانوا يختبؤون تحت الأسرة والشراشف وهم يصرخون عندما تتعرض معسكراتهم لقصف المقاومة العراقية، كما تواترت الأخبار عن ارتداء الجنود الأمريكان للحفاظات عندما كانوا يخرجون في دوريات في شوارع العراق، فكانوا لا يستطيعون قضاء حاجتهم بشكل طبيعي من شدة خوفهم، إلا أنها المرة الأولى التي نسمع فيها أن مرعبهم «صرصور»، ويثبت أن الجندي الأمريكي قوي بالتكنولوجيا التي تقف خلفه لا بشخصه.
ربما هذه الحادثة أوجدت طريقة سهلة لمن تغزوهم أمريكا ويريدون التخلص منها فما عليهم إلا التوقف عن إبادة الصراصير وتوجيهها نحو القواعد والمعسكرات الأمريكية لعلها تضطرهم لحزم أمتعتهم وأسلحتهم والرحيل بعيداً، وبذلك يتجنبون تهمة الإرهاب، ولتوجهها أمريكا للصراصير.
بقلم: د. فراس الزوبعي