د. فراس محمد
تصوروا أن الملا عبود الكرخي – الشاعر الشعبي المعروف – كان إذا أراد سؤال الناس في بغداد عن محلة أو منطقة لا يعرف طريقها، يواجه صعوبة كبيرة! لأن البغداديين يعتقدون أن الملا “چفچير البلد” ويعرف بغداد شبر..شبر..
أراد في إحدى المرات زيارة صديق يسكن في محلة بني سعيد، وكان بصحبته أحد الأصدقاء، فسار الاثنان من جهة سوق القاطرخانة وسوق الدهانة ثم سوق الشورجة، وهناك ضاع “راس الشلشلة” على الملا وتاهت عليه فتقدم إلى أحد العلوچية في الشورجة وسأله:
ـ يابـة.. يرحم والديك، وين طريق محلة بني سعيد؟
ـ روح عمي روح.. هاي هلگد انت غشيم؟!.. انت مو ملا عبود؟
ـ بلي، لكن ما أعرف الطريق!
ـ بالله عليك؟! روح على شغلك عمي.. من الصبح يا فتاح يا رزاق!
اضطر الكرخ أن يتركه ويمشي، إلى أن وصل رجل شايب، وسأله عن الطريق فأجابه:
ـ هاي يمكن الشط زايد على عينك والرزق زاد على وجهك، لأنك بُهُل غشيم!
اضطر الكرخي يكمل مشي إلى أن شاف بگال، وسأله:
ـ يابـة، يرحم والديك منين طريق محلة بني سعيد؟، فضحك البگال وقال:
ـ واي.. واي.. بربي انت غشيم يا ملا عبود!
فغضب الكرخي وصاح بصاحبه:
يابـة، ما تروح انت تسأل، لأن محد يصدگني!
وبدأ صديقه يسأل إلى ان وصلا إلى المكان المطلوب.
إذا كان هذا حال الملا عبود الكرخي مع بغداد وهو ابنها وعاش بها من العهد العثماني مرورا بعهد الاحتلال ووصولا إلى ثالث ملك بالمملكة العراقية، فما بالك بشعيط ومعيط اللي تسلطوا على حكمها وإدارتها وهم أبعد ما يكونون عنها! عمي ترى بغداد راهية عليكم مهما استقويتم.
فراس محمد