الطابع العشائري لبغداد

من المعلوم أن الحواضر الكبيرة مثل بغداد ودمشق وغيرها تتألف تركيبتها الاجتماعية من خليط عرقي ومن عوائل وأنساب مختلفة، لكن الملاحظ على بغداد أنها حاضرة ومدينة ذات طابع عشائري، مع وجود الخليط العرقي، والمقصود ببغداد هو بغداد القديمة وأهلها البغداديون أو كما يعرفون بالبغاددة، وهي تلك المدينة التي كانت قبل مئة سنة وأكثر، لا تتجاوز مساحتها ثمانية كيلومترات مربعة خمسها في الكرخ وأربعة أخماسها في الرصافة، وأكثر مناطق بغداد اليوم كانت خارجها، فلماذا تركيبتها الاجتماعية تختلف عن غيرها من الحواضر؟
يرى الدكتور علي الوردي أن بغداد كانت لا تختلف شيئا عن الحواضر الأخرى في هذا الجانب ولكن فيضانا أصابها سنة 1831 أعقبه وباء الطاعون تسبب في القضاء على ثلثي سكان بغداد وبعد أن كانوا بحدود 150 ألف بقي منهم 50 ألف فقط، مما أدى إلى هجرة كثير من سكان الأرياف والقرى المحيطة بها والقريبة منها إليها، ولهذا نشأت فيها محلات كاملة ذات طابع عشائري، فنشأت في الكرخ محلات السوامرة والتكارتة والدوريين والجعيفر والمشاهدة والفلاحات والكريمات وفي الرصافة نشأت محلات مثل العزة والكروية والبيات وبني سعيد والبوشبل والقرغول والخالدية والهيتاويين والكبيسات والعونية والفناهرة والبومفرج وغيرها، ومن الجدير بالذكر أيضا أن هناك الكثير من العائلات التي تنتمي إلى قبائل معروفة ولها صلة وثيقة بقبائلها سبقت وجود هذه الظاهرة.