د. فراس محمد
بمنتصف العشرينات كان الحصول على الجنسية العراقية مطلب ويعتبر “نعمة” وحصل على الجنسية العراقية بعض الأتراك والانكليز والإيرانيين، والروس، والهنود، والتونسيين والفلسطينيين والسوريين والمصريين واللبنانيين والنجديين وغيرهم، وقصص الحصول على الجنسية لا تخلو من الطرف، في سنة 1934 نقل نوري ثابت “حبزبوز” صورتين متناقضتين كانت تحصل بشكل يومي بدائرة السفر والإقامة:
الأولى: جدوع بن جواد عراقي المنبت من مئات السنين، كان جندي أيام الدولة العثمانية وتأسر في روسيا، وما گدر يرجع للعراق إلا بسنة 1925 وقرر يشتغل بوظيفة “چاووش” بلدية براتب خمس دنانير، لكن شلون يشتغل والقانون يگول لازم اللي يشغل هذي الوظيفة يكون عنده الجنسية العراقية وأيام تأسيس العراق الحديث وصرف الجنسية العراقية للعراقيين كان جدوع بالأسر… بس مو مشكلة هي الجنسية شتحتاج غير (استدعاء لوزارة الداخلية وتحقيق وتدقيق ودائرة الإقامة والسفر ومضبطة مختار وغيرها)، راح جدوع للتحقيق:
ـ اسمك؟
ـ جدوع.
ـ اسم أبوك؟
ـ جواد
ـ أنت عراقي؟
ـ أباً عن جد؟
ـ تعرف تتكلم عربي؟
ـ أدري آني شدا أحچي وياك.. بانياني؟!
ـ اطلع بره أدبسـز.
هذي الصورة الأولى تعامل بيها عراقي ما عنده الجنسية.
الصورة الثانية: وهذي يتعامل بيها (مستر ماكنس)، (مستر ستانلي)، (مسترفوللر)، (مستر سكو) وغيرهم من “المساتر” من موظفي السكك الحديد “العراقية” والموانئ “العراقية” وهذوله كانوا يروحون لأحد المحامين ويشير عليهم بأن القانون العراقي يمنح حق التجنس لكل أجنبي تزوج عراقية، وطبعا هذي سهلة عليهم لإن كان يروحون لمحلة السنك أو الميدان ويشوفون وحدة “بنت حلال” صافي ويتزوجون زواج “شرعي جدا” وبعدين بيت إيجار للمستورة، ويسجل نفسه عند المختار ساكن جديد مع زوجته، وبعدها يراجع دائرة السفر والإقامة وبيده مضبطة مختار المحلة، ويصير التحقيق الآتي:
ـ اسمك؟
ـ هانري سنك.
ـ اسم أبوك؟
ـ جوني لال.
ـ شوكت جيت للعراق؟
ـ مع جيش الاحتلال.
ـ انت عراقي؟
ـ يس سير ـ وهازي مزبطة مال مختار.. وأكو عندي خاتون عراقي بالبيت.
ـ كلش زين .. تفضل هذي ورقة الجنسية العراقية!
وبمناسبة هذي القصة لا يسعنا إلا أن نتقدم ببالغ الشكر والامتنان إلى النظام “الحاكم” في العراق، وذلك للأسباب الآتية:
أولا: وضع الجنسية العراقية والجواز العراقي بموقع ثاني أسوأ جواز بالعالم وبذلك “خلصنا” و “انقذنا” من تكالب المستعمرين والأجانب على جوازنا وبلدنا.
ثانيا: هجر نص الشعب العراقي إلى الخارج وترك النص الثاني بالعراق يحلمون بالهجرة واللحاق بالقسم الأول، ولهذا فوائد تتعلق بموضوعنا فالكل يتمنون الحصول على جواز أجنبي وهذا يعني أن الأجانب اللي أخذوا جوازنا قبل 100 سنة راح ناخذه منهم مضاعف، ولا يفوتني أن أذكر هنا أن الأجانب اللي تزوجوا كم “خاتون” “بنت حلال” زواج “شرعي” حتى يحصلون على الجنسية العراقية، فإن بعض العراقيين وبفضل الحكومات اللي هيأت لهم كل أسباب الهيام على وجوههم، تزوجوا “خاتونات” أمريكيات وأوروبيات لا حصر لهن.. وهكذا نكون قد نظرنا إلى الجزء المليان من الكأس.
معلومة: حتى نهاية 1931 بلغ عدد الذين منحوا الجنسية العراقية (2213) شخصا فقط وفق الإحصاءات الرسمية، فهل هناك إحصاء ومعلومات رسمية عن عدد الذين حصلوا على الجنسية العراقية منذ العام 2003 وحتى اليوم، ومن أي جنسيات وعلى أي أساس وقانون تم تجنيسهم؟