كيف تتعامل أمريكا مع محور العراق؟

ينسب لأينشتاين أنه عرّف الغباء بقوله: «هو فعل الشيء مرتين بالأسلوب والخطوات نفسها مع انتظار نتائج مختلفة»، وعلى هذا فإن الأخطاء التي يكررها الإنسان لا تعني أن التاريخ يعيد نفسه وإنما غباء البعض يتكرر.
شكلت أمريكا تحالفاً دولياً لمحاربة «داعش» وسحبت هذا التحالف وراءها وبدأت بالفعل ضربات جوية، لتتابعها فوراً تصريحات من قادة عسكريين في التحالف تؤكد على أن تعليق الآمال على الضربات الجوية أمر فاشل، هذا يعني أن العمل البري أمر لا بد منه وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من محورين الأول من داخل الأراضي العراقية التي سيطر عليها التنظيم، والثاني من الحدود التركية، ولهذا سعت أمريكا بكل قوتها خلال المدة الماضية إلى إدخال تركيا في الحلف حتى نجحت لكن مقابل ثمن تقدمه لتركيا، والسبب أن تركيا لها أكثر من ألف كيلو متر حدود مع سوريا والعراق وبإمكانها شن هجمات برية داخل مناطق وجود داعش والعودة إلى الأراضي التركية، وكذلك ستستخدم طائرات الحلف قاعدة «أنجرلك» الجوية وهو ما يسهل عليها الكثير.
لكن ماذا عن المحور الثاني وهو العراق؟ وكيف تتعامل أمريكا معه؟
فإذا كان لتركيا أكثر من ألف كيلو متر شريط حدودي، فللعراق عشرات آلاف الكيلو مترات المربعة تحت سيطرة «داعش» كلها مناطق تعود للعرب السنة، نزح منها ما يقرب من 4.5 مليون إنسان بعضهم في هجرة داخلية والبعض الآخر داخل حدود كردستان وفي الدول المجاورة، ومع ذلك نجد أمريكا تعول فيه على إنشاء تشكيل أطلقت عليه اسم الحرس الوطني، ومنذ أن بدأت تشكيله إلى الآن لم ينضم له سوى أفراد من أهالي هذه المناطق كلهم كانوا في الجيش والشرطة وهربوا منها خوفاً من داعش بعدما سيطرت على مناطقهم، أما أبناء العشائر الذين انضموا إلى الثوار وما تبقى من فصائل المقاومة فلغاية الآن هم خارج هذا التشكيل وأمريكا ليست حريصة على إدخالهم مقابل ثمن كما فعلت مع تركيا. لقد درب الأمريكان الجيش الذي أسسوه بعد الاحتلال وقد اعترفوا بفشله، فما الذي دفعهم ليطمئنوا أن تشكيل الحرس الوطني الجديد القائم على مخلفات ذلك الجيش سينجح، خصوصاً أن رجاله لم يلتحقوا به إلا لغرض الراتب؟
الوضع داخل العراق ليس قتالاً مع «داعش» بقدر ما هو ملء للفراغ الذي ستخلفه ولو تمت تسمية هذا التشكيل «بحرس الإقليم» وأعلن أن مهمته ملء الفراغ وإعادة العوائل المهجرة وإجراء استفتاء بعدها لتشكيل إقليم، لأقدم عليه سكان تلك المناطق ولكان فرصة لإنهاء حالة وجود المسلحين وتنظيماتهم خارج القانون فكلهم حمل السلاح دفاعاً عن أهلهم، أما تشكيله بعناصر تأخذ راتبها من حكومة العبادي فمصيره الهزيمة، وقديما قالوا «اللي يجرب المجرب عقله مخرب».

بقلم: د. فراس الزوبعي