وقفْ جميع العمليات وارجع للبحرين فوراً!

رغيد مواطن بسيط جداً، علاقته بالسياسة وأحداثها تشبه علاقة جزر الكناري بمجموعة خمسة زائد واحد، وبالتالي هو لم يسمع بالشين فين ولا يدري ما هي منظمة أيلول الأسود، وربما إذا سألته عنها يقول لك كانت السماء ملبدة بالغيوم السوداء في أيلول من ذلك العام، ومع ذلك تبين أن بينه وبين منظمة أيلول الأسود علاقة رابطها التوقيت فقط، فقد ذهب الرجل إلى الهند لإجراء فحصوات طبية عقب أحداث عملية ميونخ عام 1972 مباشرة، وهي العملية التي احتجزت فيها المنظمة رهائن إسرائيليين في دورة الألعاب الصيفية في ألمانيا مطالبين بالإفراج عن 236 معتقلاً في السجون الإسرائيلية، فانتهت بمقتل 11 إسرائيلياً وخمسة من منفذي العملية وشرطي وطيار مروحية ألمانيين.
بعد هذه العملية التي لم يسمع بها صاحبنا أصلاً توجه مباشرة إلى الهند وأجرى فحوصات طبية عدة أبلغه الأطباء بعدها أنه بحاجة لإجراء أكثر من عملية جراحية ليتعافى تماماً، ولأنه حريص على عدم الوقوع في براثن الديكتاتورية حتى في الأمور التي تخصه وحده، أرسل لأخيه برقية يبلغه فيها رأي الأطباء ويطلب مشورته، من جانبه قرر الأخ بحكمته الثاقبة أن لا يجازف رغيد بإجراء هذه العمليات التي قد تكون «حسب تصوره» لا حاجة لها، وأنها عملية تحايل من الأخوة الهنود للحصول على ماله، ولحرصه على أن يكون الرد منخفض التكلفة قرر استخدام البرقيات البريدية بدلاً من الهاتف، كما قرر أن يكون عدد الحروف قليل جداً ضغطاً للنفقات فانتقى كلماته بعناية ودقة وأرسل لرغيد البرقية الآتية: «وقف جميع العمليات وارجع للبحرين فوراً».
عندما وصلت هذه البرقية إلى الهند استنفر لها رجال الأمن وذهبوا لرغيد فزادت شكوكهم عندما رأوا أن ملامحه لا تختلف عن ملامح الفلسطينيين، لم لا؟! فقد تكون إحدى العمليات المزعومة هدفها اغتيال أنديرا غاندي، لكن لأنهم فتشوه ولم يجدوا أي شيء معه قرروا الاكتفاء بمراقبته مراقبة مكشوفة ليحدوا من حركته، والعجيب أن الرجل سعيد بهذه المراقبة فحسب قوله: حصلت على حماية مجانية خلال إقامتي في الهند، بعد ذلك ضاقوا به ذرعاً واستدعوه إلى دائرة الأمن الرئيسة في بومبي وطلبوا منه مغادرة الهند، وعلى الرغم من عدم معرفة رغيد بالسياسة إلا أن عليه أن يحمد الله مرات ومرات أن كانت الحادثة هذه عقب أحداث أيلول 1972 ولم تكن عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، لأنها لو كانت كذلك لكان الآن أحد نزلاء أقفاص غوانتنامو ويحمل إلى التحقيق يومياً على نقالاتها ولأعترف -بعد التعمق بالتحقيق معه طبعاً- بمسؤوليته عن الحرب الأهلية الأمريكية مثلاً!

بقلم: د. فراس الزوبعي