لأمريكا في العراق مجموعة ملفات تحتاج إلى تصفية قبل دخولها في عمق المعركة التي لا يعلم أحد أين ومتى ستنتهي، وقد أثبت المالكي فشلاً في علاج هذه الملفات بسبب طائفيته المقيتة، الأمر الذي تسبب بإصرار أمريكا على اقتلاعه وإبداله بالعبادي، فهل سينجح الأخير في تصفيتها ويحقق لأمريكا ما لم يحققه المالكي؟ علماً أن أبرز هذه الملفات هي ملف الطائفية والملف الكردي وملف دول الجوار الإقليمي وأهمها دول الخليج العربي.
في الملف الأول، وهو الطائفية، يبدو أن لا فرق بينه وبين المالكي لغاية اللحظة فجموع الميليشيات التي أطلقها المالكي في الشوارع مازالت تمارس دورها وتنشر الرعب والإرهاب في العراق، بل يحاول العبادي أن يجعل وجودها قانونياً، بعدما اتحدت تحت مسمى الحشد الشعبي وأصبحت لها قيادة وتخصيصات مالية حكومية، وإذا كان المالكي احتفظ بوزارة الداخلية لنفسه أربع سنوات فإن العبادي نصب عليها وزيراً من ميليشيا بدر، وإذا كان المالكي قد خرج فيما مضى من كربلاء وأعلن أنها معركة بين أتباع الحسين وأتباع يزيد، فإن العبادي اجتمع بمحافظ كربلاء وأعضاء مجلس المحافظة ونوابها ليقول لهم إن كربلاء عليها عبء كبير بسبب الزيارات الدينية ويجب علينا تخفيف العبء عنها بزيادة تخصيصاتها المالية.
في الوقت نفسه تحدث عن محافظات العرب السنة مثل الأنبار وصلاح الدين قائلاً أننا نحرز فيها انتصارات كبيرة وسنتقدم إلى محافظات أخرى مثل الموصل، هذا يعني أن لغة الحديث عن المحافظات العراقية تختلف من محافظة لأخرى حسب تكوينها الطائفي قسم نصيبها زيادة التخصيصات المالية والقسم الآخر الذي يضم العرب السنة نصيبه القتل والتهجير وإرسال الميليشيات وتحقيق الانتصارات عليه، وهذا ما يدل على فشله مقدماً في حل هذا الملف وتصفيته.
في الملف الطائفي لا يعني أمريكا كم يقتل يومياً من العرب السنة على أيدي الميليشيات الطائفية أو كم أصبح عدد المعتقلين في سجون الحكومة أو حتى إقصائهم من المناصب في الوزارات الحكومية ومتى يتوقف كل ذلك، إنما يعنيهم الإجراءات التي تجعل العرب السنة ينخرطون في مشروع الصحوات لقتال الدولة الإسلامية «داعش» تحت قيادتها مباشرة أو تحت قيادة الجيش والميليشيات معه، ومن يراقب سير الأحداث يعلم قطعاً أن العبادي لن يتمكن من تحقيق ما أخفق فيه المالكي في هذا الملف فهو يسير بالاتجاه الذي سار فيه سلفه، الأمر الذي لن يحقق لأمريكا النتيجة التي تريد وهو تهيئة الوضع للعرب السنة ودفعهم لقتال داعش، علماً أنها لا تريد القتال بجنودها وإنما بأهل الأرض التي تسيطر عليها «داعش» وهم العرب السنة، وهذا ما أكده أوباما من بكين عندما قال: «الذين سيقاتلون ليسوا أبناءنا»، فالعرب السنة يهمهم في ملف الطائفية أن تتوقف الاعتقالات فوراً وأن يخرج أبناؤهم ونساؤهم من المعتقلات وأن تحارب الميليشيات ويقضى عليها وأن لا يكون لهم وجود في مناطقهم وأن لا يعاملوا كمواطنين من الدرجة الثالثة.
.. وللحديث بقية
بقلم: د. فراس الزوبعي