«وددت لو أن بيني وبين فارس جبلاً من نار»، كلمات قالها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بعدما فتح العراق، وطرد الفرس فهرب يزدجرد إلى أقصى الدولة الفارسية، ووقف جيش المسلمين في الأحواز بعدما أمره سيدنا عمر بعدم الانسياح في بلاد فارس.
إيران ذلك الجار العدو الذي لم تكن علاقته مع العرب علاقة حسن جوار واحترام متبادل على مدى التاريخ، وما ذاك إلا بسبب أطماع حكامها في أرض العرب واستعلائهم عليهم، والنظر إليهم نظرة دونية عنصرية، لم يكن ينفع معها إلا ذلك العازل الناري، الذي يمنع وصول أحد منهم إلينا، أو وصول أحد منا إليهم، لكنها وللأسف عادت واحتلت الأحواز العربية بعد قرون من تحريرها من سيطرتهم، وقدر الله أن يكون بينها وبين العرب جبل من نار مدة ثمانية سنوات وهي سنوات الحرب العراقية الإيرانية «1980-1988»، فلم تصل إيران خلالها إلى العرب وتوقف مشروعها، واشتعل جبل النار على طول خط الحدود البرية مع العرب، والبالغ طوله 1458 كم، ورغم مرارة الحرب وشرها، إلا أنها كانت فترة خالية من أي نفوذ إيراني في أرض العرب.
وبعد أن استأنفت إيران مشروعها في العالم العربي، بفضل العم سام، عادت لتحتل أرض العرب، بدءاً من العراق الدولة العربية الوحيدة التي تملك خط الحدود البرية مع إيران، وتحول جبل النار إلى حدائق خضراء، بيد أتباعها الذين يحكمون العراق اليوم، فقد أعلنت وزارة البيئة العراقية مؤخراً أنها ستحول الخط الحدودي مع إيران من بدايته إلى نهايته إلى حدائق خضراء، وقد أنجزت التصاميم الهندسية بالتنسيق مع الجانب الإيراني، بدعوى الإسهام في التخفيف من العواصف الترابية التي يتعرض لها العراق بين حين وآخر، بسبب قلة المساحات الخضراء، وسميت هذه الحدائق «حدائق السلام»، علماً بأن إيران لا تعرف عن السلام أكثر من حروفه، وهي تريد بهذا المشروع فرض نوع من التطبيع بعدما تمكنت من العراق بالكامل.
غالبية الخط الحدودي مع إيران غير مأهول بالسكان، ولا يمكن أن يكون هذا الخط متنزهاً لأحد بحال من الأحوال، والحكومة العراقية لم توفر للشعب العراقي الحدائق في كبرى مدن العراق، لتذهب وتوفرها على طول الخط الحدودي مع إيران، أما موضوع التصحر، وقلة المساحات الخضراء، فالأولى علاجه في بغداد الخضراء التي تحولت ومحيطها إلى صحراء، ولو وجهت الحكومة العراقية أموال هذا المشروع إلى مشروع تدوير للنفايات في بغداد لكان خيراً منه.
العواصف والريح الآتية من إيران صفراء على مر التاريخ، لم تحمل لنا إلا رائحة الموت والانفجارات والسيارات المفخخة والميليشيات، وهذه لا تصدها حدائق خضراء، إنما يصدها جبل من نار.
بقلم: د. فراس الزوبعي