إيران تستغيث.. هل من مستثمر؟

قبل تسعة أعوام تقريباً؛ ركبت سيارة أجرة في دمشق وتجاذبت أطراف الحديث مع سائقها الذي بدا لي مثقفاً وعلى دراية في الأمور السياسية، تحدثنا عن ثمانينات القرن الماضي وكيف كانت الأوضاع الاقتصادية في سوريا، فذكر لي بمرارة ظروفاً عصيبة عاشها السوريون في تلك الحقبة، مقارناً أوضاعهم مع أوضاع جارهم العراق الذي كان ينعم برخاء كبير في ذلك الوقت، فسألته لماذا برأيك كان ذلك الفارق في المستوى المعاشي؟ فلخص لي وجهة نظره بعبارة بسيطة قائلاً: «يا عمي احنا في بلد شحاد تحالف مع بلد شحاد مثله، والعراق بلد غني تحالف مع بلدان غنية مثله»، ويقصد طبعاً المحورين السوري الإيراني من جهة والعراقي الخليجي من جهة أخرى أيام الحرب العراقية الإيرانية.
منذ ذلك الوقت والنظام السوري مرتبط بإيران، ومنذ ذلك الوقت وشركاء إيران من أنظمة الدول على شاكلتها في الاستبداد والديكتاتورية لكنهم في الغالب أضعف منها اقتصادياً فتستقطبهم بالمال ليسمحوا لها بالنفوذ والتغلغل لتنفيذ مخططاتها ومشاريعها، وبدل أن تستثمر إيران مقدراتها في بناء اقتصاد قوي ونمو مستدام وترفع من مستوى شعبها المعاشي، راحت تنفق مواردها على كل ما من شأنه السماح لها بالتمدد خارج حدودها، بدءاً من عدوانها على العراق ودخولها في حرب الثماني سنوات التي خرجت منها منهكة مروراً بتشكيل خلاياها النائمة في دول عدة وصولاً إلى ميليشياتها التي تنفق عليها المليارات في أكثر من دولة عربية، كل ذلك وإيران تعتمد بشكل كبير على النفط في اقتصادها، وخلال كل ذلك أوجدت لها أعداء في كل اتجاه وعاشت في عزلة اقتصادية عن العالم، فعندما تدهورت أسعار النفط دخلت في أزمة اقتصادية خانقة، فراحت تبحث عن الحلول والبدائل.
قبل أيام عقد في طهران مؤتمر شارك فيه نحو 1500 من الخبراء الاقتصاديين على رأسهم وزير الاقتصاد ومحافظ البنك المركزي، وقد حضر المؤتمر الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي ألقى كلمة على المشاركين، مقدماً لهم أحد الحلول للخروج من الأزمة، وهو دعوة المستثمرين الأجانب للاستثمار في إيران، محاولاً إقناعهم بتصحيح النظرة إلى المستثمرين الأجانب وعدم اعتبارهم تهديداً، وسواء قبل الإيرانيون بدخول الاستثمارات الأجنبية أم لم يقبلوا فإن ذلك لن يكون حلاً للخروج من الأزمة، فأصدقاء إيران «شحادين» على حد وصف صاحبنا السوري، وكلهم يعاني مشاكل اقتصادية ويبحث عن مستثمرين أجانب، كما أنها تعيش عقوبات دولية والاستثمار فيها خطر، بالإضافة إلى أنها عادت محيطها العربي الغني بالثروات والمستثمرين، فإذا أقنع روحاني الإيرانيين بتغيير نظرتهم للمستثمرين الأجانب، سيكونون كعازب اقتنع بالزواج وعندما سئل عن موعد الزواج، قال الحمد لله أتممت كل شيء ولم يبق إلا موافقة البنت وموافقة أهلها وتكاليف الزواج.

بقلم: د. فراس الزوبعي