العراق وحسابات عاصفة الحزم

منذ أن بدأت عمليات عاصفة الحزم وفي العراق اتجاهان لا ثالث لهما من العمليات؛ أحدهما رافض خائـــف والآخر مؤيد مستبشر، فمن رفض ومن أيد؟ وهل يستوجب الموضوع الخوف والاستبشار، بمعنى آخر هل ستصل العاصفة إلى العراق؟
عاصفة الحزم وبعنصر المفاجأة الذي حملته أربكت إيران وأذنابها في العراق وشكلت لديهم قناعة بأنهم سيكونون الهدف التالي بعد اليمن، فهم يدركون جيداً أن العراق الحلقة الأهم في السلسلة الإيرانية، وأن استعادة الشرعية في اليمن لن يرفع الخطر عن الخليج العربي وباقي دول المنطقة، ولم تخف حكومــة المنطقــة الخضــراء في بغداد هذا الأمـــر، فعلى المستوى الرسمي تحفظوا على تشكيل القوة العربية «وفي الواقع لا يمكنهم المشاركة فيها بجيش لأنهم لا يملكون إلا ميليشيات لا يمكن قبولها في قوة عربية»، أما المالكي فأعلنها صراحة أن هذه الحملة حصلت لتنفذ إرادة سعودية – قطرية تضرب كل دول «الممانعة» وذكر العراق وسوريا ولبنان واليمن، وفي الواقع أنها دول واقعة تحت الاحتلال الإيراني، ومؤخراً أخرجت إيران أتباعها في العراق في مظاهرات تندد بعاصفة الحزم.
أما الطرف المؤيد لهذه الحملة فهم الذين بات أغلبهــم إمــا مهجــراً أو تحــت وطــأة الميليشيـات الطائفية الإيرانية، وهو طرف أدرك أنه سيباد بالكامل إن لم يحصل على النجدة فوراً، فكانت عاصفة الحزم بارقة أمل لإنقاذهم وإنقاذ وطنهم من سطوة إيران وأذنابها، وهم أيضاً لم يخفوا موقفهم هذا، فقد صدرت بيانات الدعم والتأييد من شيوخ القبائل وهيئة علماء المسلمين وفصائل المقاومة، التي منها الجيش الإسلامي في العراق وجيش رجال الطريقة النقشبندية وغيرهما، كل هؤلاء وإن لم تكن لهم قيادة موحدة إلا أنهم بمجموعهم يمثلون العرب السنة في العراق.
مع اختلاف الموقفين في العراق يبقى الموقف الأهم المتمثل بعاصفة الحزم نفسها من العراق، يمكن التكهن بموقفها من خلال وضع فرضيتين اثنين؛ الفرضية الأولى تبنى على أساس أن العمليات لا تقصد إلا استعادة الشرعية في اليمن وإعادة الرئيس هادي إلى صنعاء والحد من نفوذ الحوثيين، وعلى هذا فإن العمليات لن تتعدى اليمن كما أنها لن تضع حداً لتمدد إيران في المنطقة.
أما الفرضية الثانية فتبنى على أساس أن العمليات غايتها إرجاع إيران إلى داخل أراضيها والحد من نفوذها في أرض العرب، وعلى هذا فإن العمليات ستصل إلى سوريا وربما إلى لبنان، ومع ذلك تبقى قضية العراق مرهونة بموقف الخليج منه، ولنكن صرحاء أكثر؛ فهناك شعور بأن دول الخليج تنظر إلى العراق على أساس أنه مكون من قسمين، ناس ولاؤهم لإيران بالكامل وناس بعثيون ولاؤهم للنظام السابق.
وإن صح هذا الشعور فهذا يعني أن العراق سيكون خارج الحسابات، لذا آن الأوان لتصحيح هذه النظرة «إن وجدت» لأن العرب السنة يعتبرون النظام السابق نظام كأي نظام وطني مر على العراق له سلبيات وإيجابيات لكنه أصبح من الماضي، وعليه فترك العراق دون تدخل يكون بمثابة ترك الخنجر المسموم في جسد الأمة.

بقلم: د. فراس الزوبعي