يذكر أن إحدى النساء قيل لها كم عدد أبناء ضرتك؟ فأجابت بصوت جهوري مرتفع، وبعينين مفتوحتين… ثلاثة.. ورفعت يدها باتجاه أعين الحضور مشيرة بثلاثة أصابع ليراها الجميع، ثم قيل لها، وأنت كم لك من الأبناء؟ فخفضت يدها ولملمت أصابع يدها الخمسة وطأطأت رأسها وقالت بصوت منخفض خجول «خميسة» تصغيراً للعدد خمسة.
بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب تتعامل وسائل الإعلام الغربية مع قضايا الشرق الأوسط والعالم العربي، والبحرين على وجه التحديد، قبل أيام وأنا أستمع لإذاعة BBC البريطانية وقد أعدوا تقريراً عن أوضاع البحرين، ذكروا في ما ذكروا أن المعارضين في البحرين يخرجون في مظاهرات وخلال هذه المظاهرات يلقون قنابل «مولوتوف» «محلية الصنع» في المقابل تواجههم الشرطة بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع، كما أظهروا شخصاً يقول لقد انتصرت الشرطة علينا بقبضتها الحديدية.
كانت صياغة التقرير وطريقة قراءته تشبه إلى حد كبير طريقة تلك المرأة التي حاولت أن تقلل من عدد أبنائها الذي فاق عدد أبناء ضرتها، لكنها عندما ذكرت عدد أبناء ضرتها حاولت أن تكثره وتهوله في عيون السامعين، فعندما ذكر التقرير أن من أسماهم معارضين -وفي الحقيقة هم ليسوا أكثر من غوغاء- أنهم يلقون قنابل محلية الصنع، قفز إلى ذهني فجأة عادل إمام وهو يرد على زوجته التي تشتكي وجود أنواع الحشرات في فراشها بقوله: «دي حشرات منزلية أليفة»، فماذا يعني «المولوتوف» محلي الصنع هل هو مجرد مفرقعات صوتية يلهو بها الأطفال في الأعياد؟! أم هو سلاح يحرق ويقتل كغيره من الأسلحة.
تلك المرأة التي ضخمت عدد أولاد ضرتها القليل وقللت عدد أولادها الكثير كانت تريد دفع عيون الحاسدين عنها، وفي الوقت نفسه تريد أن تصيب أعين الناس ضرتها وأولادها بسوء، أما وسائل الإعلام هذه فغايتها وقصدها أشنع من ذلك لأنها تريد أن تقلل من ضرر أعمال العنف الإرهابية هذه ليستمر أصحابها بفعلها ولتصنع منهم أبطالاً بدلاً من الصورة الحقيقية التي هم عليها، وهي الإجرام، وفي الوقت نفسه توحي لمتابعيها أن الشرطة في البحرين أداة قمع واضطهاد، ولأنهم يعلمون أن رجال الشرطة في البحرين لا يحملون معهم الأسلحة راحت تضخم الهراوات والقنابل المسيلة للدموع، والحمد لله أنهم لم يقولوا الهراوات المستوردة مقابل «المولوتوف» محلي الصنع.
لا تخرج سياسة أغلب المؤسسات الإعلامية العالمية عن سياسة المجتمع الدولي، وهي سياسة الكيل بمكيالين فتكون بذلك أداة ظلم وتعسف بدل أن تكون أداة عدل وإنصاف.
بقلم: د. فراس الزوبعي