هولاكو اسم ثقيل على مسامع المسلمين والعرب لارتباطه بالدم والدمار، فعلى يد صاحبه دمرت بغداد عاصمة المسلمين آنذاك، وسقطت إمبراطوريتهم «الخلافة العباسية»، ومع ذكر اسم هولاكو يقفز ابن العلقمي ذلك الاسم الذي ارتبط بالخيانة وبسقوط بغداد أيضاً، ومع سطوع نجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذه الأيام ينهض ابن العلقمي مرة أخرى، فكيف ذلك؟
بالتأكيد التاريخ لا يتكرر، لكن سلوك البشر هو ما يتكرر، هولاكو قائد مغولي حكمت أسرته إمبراطورية كبيرة، وعندما أراد غزو بغداد كان المستعصم بالله خليفة المسلمين، وكان ضعيفاً ليناً سيطر عليه وزيره ابن العلقمي، ذلك الطائفي الذي طالما فكر وخطط لإسقاط دولة المسلمين، وإقامة دولة تحكمها فرقته التي ينتمي إليها، فسهل لهولاكو غزو بغداد وإسقاط دولة المسلمين، وكان ما كان من قتل ودمار، أما ما علاقة هولاكو بالرئيس الروسي بوتين، ومن هو ابن العلقمي الجديد، فيتبين ذلك من خلال معرفة مراحل مؤامرة ابن العلقمي وارتباطها بحاضرنا، لقد مرت المؤامرة بثلاث مراحل كلها تطابق واقعنا المعاصر:
* المرحلة الأولى: عمل ابن العلقمي على إضعاف جيش المسلمين وتقليصه حتى انخفض من 100 ألف إلى 10 آلاف، وكذلك فعل ابن العلقمي الجديد «الموالون لإيران» إذ عملوا مع أمريكا على حل الجيش العراقي، ثم شكلوا جيشاً من الميليشيات، وحتى هذا الجيش أضعفوه حتى لم يكد يرى الآن، ثم عمل ابن العلقمي وقتها على مضايقة الناس في أرزاقهم، وهكذا يفعل أتباع إيران اليوم في العراق والمنطقة كلها، يضايقون الناس في أرزاقهم وأمنهم فيتوقف الاستثمار ويروع الناس وبعدها يهاجرون.
* المرحلة الثانية: راسل المغول وزين لهم وأطمعهم في البلاد وسهل عليهم احتلالها، وهكذا يفعل اليوم أتباع إيران في العراق، يطالبون رئيس وزراء العراق حيدر العبادي بمراسلة بوتين ليأتي بجيشه إلى العراق، ورفعوا أعلام روسيا في تظاهراتهم في بغداد، واجتمعت اللجنة الأمنية في برلمانهم، وخرجوا بقرار يسمح لروسيا باستخدام أرض وسماء ومطارات العراق، إن قبلت المجيء بجيشها ليغروهم والتسهيل لهم.
* المرحلة الثالثة: النهي عن قتال هولاكو وإيهام الخليفة أنه يريد مصالحته، فلما وصل إليهم قتلوه، وهذه لم تحصل بعد، لكنهم مجربون وقد أفتى مرجعهم بعدم جواز قتال الغزاة الأمريكان من قبل، وسيفتون لاستقدام الروس.
والسؤال، لماذا يفعل أتباع إيران ذلك وهم يحكمون العراق؟ الجواب؛ إنهم وإن استولوا على الحكم لكنهم غير مطمئنين من الحفاظ عليه، ومازال هذا الموضوع يسبب لهم الذعر، وهم يعلمون جيداً أن العبادي وإن كان منهم إلا أن سطوة أمريكا عليه أكبر من سطوة إيران، لذلك يريدون دفعه ليدخل الروس ليحموا أنفسهم ويتخلصوا منه في آن واحد، لكن عليهم أن يتذكروا أمرين، الأول، أن هولاكو عندما جاء إلى بغداد كانت خلفه إمبراطورية تتوسع، وبوتين يأتيهم اليوم وقد أضاعت دولته إمبراطوريتها وتقلصت، والثاني، أن هولاكو عندما دخل بغداد لم يحفظ ابن العلقمي ويمكنه وإنما قتله، فهل من معتبر.
بقلم: د. فراس الزوبعي