بينما كنا مجموعة في نقاش عن حدث طرد المملكة العربية السعودية للبعثة الدبلوماسية الإيرانية تدخل أحد أصدقائي الدبلوماسيين بتعليق بليغ يفهمه البسطاء والنخبة، حيث لخص وضع إيران الحالي بقوله: «إيران أصبحت كالمرأة التي طردت من بيت زوجها، ماذا سيكون موقفها وموقف أهلها أمام الناس!».
الأمثال تضرب ولا تقاس، فالعلاقة بين دولتين ليست علاقة بين زوجين، لكن إيران أعماها حقدها وعداءها للمسلمين، فوضعت نفسها في موقف صعب ومحرج دولياً، كان ذلك بعد إغلاق سفارتها في السعودية ثم في البحرين والسودان وخفض تمثيلها الدبلوماسي في الإمارات، وأصبح وضعها كوضع الزوجة التي طردت من بيت زوجها، أول سؤال يسأله المجتمع لها ولأهلها، ماذا فعلت؟ لماذا طردت؟ فإذا كانت مخطئة ضر ذلك بسمعتها، وإيران كلها أخطاء من رأسها حتى أخمص قدمها، وهناك دول في العالم لم تنتبه لعلاقات إيران وما تفعله مع جيرانها، ولم تنتبه لإعدام الإرهابي نمر النمر ولا تعرف علاقته بإيران ولماذا حكم عليه بالإعدام، لكن إغلاق السفارة وطرد طاقمها جعلهم يسألون ويبحثون عن الأسباب وعلم من لم يعلم سلوك إيران العدواني، وهذا سيضر بسمعتها ضرراً كبيراً، فهناك دول في العالم لها مكانة وشأن مع أنها لا تملك اقتصاداً قوياً ولا جيشاً عرمرماً لكن مكانتها جاءت من سمعتها المحترمة، ما زاد الطين بلة أنها زيادة على تدخلها السافر في شؤون الدول ومنها المملكة العربية السعودية، لم تحترم اتفاقية فيينا لعام 1961 التي تلزم الدول حماية البعثات الدبلوماسية التي على أراضيها، وتورطت بإحراق القنصلية السعودية ونهبها وملاحقة أفراد البعثة، وهذا سيجعل الدول تعيد حساباتها وتشعر أن بعثاتها مهددة إذا توترت علاقاتها مع إيران.
تتحاشى دول العالم أي تصرف يدفع الدولة المقابلة إلى إغلاق سفارتها، ونادراً ما سمعنا أن دولة أغلقت سفارة دولة أخرى وطردت بعثتها، لأن تبعات هذا الأمر كبيرة جداً فالدولة التي تغلق سفارتها إذا ما أرادت إعادة فتحها تدخل في إجراءات معقدة أصعب من إجراءات فتح علاقات مع دولة لم تكن بينها علاقات سابقة بالإضافة إلى التبعات المالية، وسفارة إيران في السعودية مهمة بالنسبة لها، فبالإضافة إلى أنها كانت نافذة تطل منها على السعودية، لها عشرات آلاف المعتمرين والحجاج سنوياً، منهم من يفقد أوراقه الثبوتية ومنهم من يدخل السجن ومنهم من تحصل له المشاكل، وبعد طرد بعثتها ستبحث إيران عن دولة توافق على فتح شعبة رعاية مصالح إيران فيها هذا إذا وافقت السعودية على فتح هذه الشعبة، لا شك أن إيران تشعر الآن بحرارة الصفعة على خدها، فقد تلقت «ضربة معلم» ووزير خارجيتها لم يصرح حتى لحظة كتابة المقال، فهو دبلوماسي محترف يدرك حجم الواقعة.
لقد فتحت السعودية الباب لكل الدول التي تتدخل إيران في شؤونها والحكيم منهم عليه الدخول فوراً وطرد بعثة إيران الدبلوماسية فإيران لا طاقة لها على مواجهة الأمة.
بقلم: د. فراس الزوبعي