السفير السعودي في العراق.. مقاتل في الجبهة

ربما يكون سفير المملكة العربية السعودية في العراق السيد ثامر السبهان مقاتلاً في جبهات القتال أقرب منه إلى سفير اعتيادي، حال فرضه واقع الحكم والطبقة الحاكمة في العراق ولم يكن اختياراً منه أو من بلده، فما سبب ذلك، وما الذي بإمكان السفير فعله هناك.
لم يعد خافياً على أحد وضع العراق بعد غزوه واحتلاله، فهو تحت الهيمنة الإيرانية وتقوده ميليشياتها، وهو مصادر القرار بالكامل، كما لم يعد خافياً أن إيران التي تحتل العراق حالياً تكن العداء للمملكة العربية السعودية والوضع بين البلدين هو أقرب إلى حالة حرب أو هما في حالة حرب غير مباشرة، تعمل السعودية على الدفاع عن نفسها فيما تعمل إيران على الاعتداء عليها كلما سنحت الفرصة، ولأن تفاقم الأوضاع في العراق وترديها أمنياً يعود بالسلب على دول الجوار العراقي وأولها السعودية التي ترتبط مع العراق بحدود يبلغ طولها 800 كم، لذا على المملكة العربية السعودية أن تكون متواجدة هناك لتدفع الخطر الإيراني عنها قبل مداهمته إياها، أما بخصوص الوضع الحكومي في العراق فيتلخص بالآتي، أحزاب وميليشيات شيعية تابعة لإيران تحكم باسمها تكن العداء والبغض للسعودية ولا تريد أي علاقة معها، لكنها في الوقت نفسه تريد أن تثبت للعالم أجمع أنها نظام ودولة وبالتالي يتوجب عليها إقامة العلاقات مع الجميع، وهناك يكون السفير السعودي بالنسبة للحكومة كالدواء المر للمريض، رسمياً مرحب به وعملياً غير مرغوب به، وكل الجهات الرسمية تعتبره عدوها، هذا إن كان سفيراً عادياً وفي حالة السيد السبهان فالأمر مضاعف كونه عسكرياً سابقاً عمل في لبنان تعرفه إيران حق المعرفة، ولأجل كل ذلك حقيقة وضع الرجل الآن هي مقاتل في جبهة قتال.
أما لماذا هو هناك والحال كذلك، وما الذي بإمكانه فعله، فالرجل جاء ليقف أمام إيران في العراق، وقد كشفت مقابلته الأخيرة مع إحدى القنوات العراقية، بعض الأمور أهمها أن السفير كان يتكلم باسم دول الخليج مجتمعة وليست السعودية وحدها، وانتقد بشجاعة الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران واصفاً أفعالها بأنها لا تختلف عن أفعال تنظيم الدولة «داعش»، كذلك تحدث عن التغيير الديمغرافي في العراق لصالح إيران، واعتبر الإعلام العراقي إعلاماً طائفياً، ووضح سياسة السعودية تجاه العراق مبيناً أنها لم ولن تدعم جماعات وفصائل في العراق وأنها ستتعامل مع الحكومة فقط، ومع أن الجميع يعرف أن هذه الحكومة إيرانية بامتياز لكن يبقى رأسها حيدر العبادي قراره بيد أمريكا مع أنه إيراني الهوى، لكن في النهاية هو مواطن بريطاني مصالحه خارج العراق، لذا سيكون العمل مع الحكومة من خلاله فقط، وقد تقدم المملكة العربية السعودية المساعدة والدعم للعراق، وإن حصل ذلك فسيكون لإضعاف الميليشيات وعن طريق العبادي التي تمارس عليه هذه الميليشيات ضغوطاً كبيرة.. مهمة صعبة تواجه السفير السبهان في ظروف أصعب.

بقلم: د. فراس الزوبعي