لطالما سمعنا وشاهدنا أتباع «الولي الفقيه» في المنطقة العربية وهم يتحدثون عن أفغانستان وتنظيم القاعدة، وأول مذمة وتهمة يلقونها على الأفغان وعلى القاعدة هي تهمة تجارة المخدرات، لنكتشف بعد ذلك أنها لعبة «الولي الفقيه» وتجارته، مستخدماً قاعدة للتوزيع تمتد خطوطها لدول الخليج العربي وسوريا ولبنان.
من بين المصائب التي حلت بالعراق نتيجة غزوه واحتلاله من أمريكا وإيران هي مصيبة انتشار المخدرات، التي أصبحت تباع في الشوارع بعد أن كان العراقيون يعرفون المخدرات من الأفلام المصرية والأمريكية فقط، والسبب صرامة القانون الذي كان مطبقاً في العراق قبل احتلاله، والذي كان ينص بحكم الإعدام على كل من تعاطى أو تاجر أو كان بحوزته شيئاً منها كثيراً كان أو قليلاً، لكن بمجرد أن دخل الأمريكيون وألغوا كل شيء في البلد برزت إيران في هذا المجال، وأول مجموعة ألقي القبض عليها تنقل المخدرات كانت بعد شهر واحد من الاحتلال وكان عدد أفرادها 14 فرداً ينتمون لقوات ظفر إيران، ثم بعدها بشهرين ألقت القوات البريطانية المحتلة القبض على تاجر المخدرات الإيراني صهر زرندي في البصرة وهو يحمل كمية كبيرة منها، وسلمته إلى بغداد، ليخرج بعد شهر سالماً غانماً إلى أهله في إيران بأمر من حوزة السيستاني.
أما بعد كل هذه السنوات فقد تطور الوضع بشكل كبير جداً خصوصاً بعدما منح نوري المالكي الشرعية لهذه التجارة قبل أقل من سنتين عندما أعطى أوامره للجمارك وقواته الأمينة بعدم تفتيش أمتعة الزوار الإيرانيين، وعاملهم معاملة الشخصيات الدبلوماسية، حيث تم اكتشاف أن كثيراً من هؤلاء الزوار يجلبون معهم المخدرات لبيعها في كربلاء والنجف فيغطون بريعها نفقات سفرهم، وهذا ما يفسر سبب وجود أكبر كمية من المخدرات في كربلاء والنجف لتأتي المحافظات الجنوبية بالدرجة الثانية، ويتم بيع المخدرات وترويجها في محافظات النجف وكربلاء في المكتبات التي تبيع الكتب الدينية ومن يتولى بيعها أشخاص يرتدون زي رجال الدين هناك، وهذه معلومات وردت عن مصادر في الشرطة إلى الإعلام، أما في الجنوب فطريقة دخول المخدرات مختلفة لأنها تأتي عن طريق الموانئ التي تسيطر عليها الميليشيات الشيعية وهذه بعيدة عن التفتيش، وأكثر من ذلك فإن من يلقى القبض عليه وبحوزته شيء من المخدرات تأتي الميليشيات وتخرجه من التوقيف فوراً.
هذه المشكلة هي أكبر من كونها مشكلة عراقية، لأن كميات المخدرات الداخلة إلى العراق أكبر بكثير من الاستهلاك المحلي وبحسب مصادر في الشرطة فإن العراق يشكل قاعدة لانطلاق هذه المخدرات إلى سوريا ولبنان والكويت والسعودية والبحرين عن طريق زوار المراقد الشيعية العائدين إلى بلدانهم، وبذلك تحقق إيران «الولي الفقيه» أمرين مهمين، الأول تمويل تمددها في العراق والمنطقة من هذه التجارة، والثاني تدمير البنية الأخلاقية والاجتماعية لدول المنطقة العربية، فهل يدرك اللاهثون خلف إيران ما تفعله بهم؟!
بقلم: د. فراس الزوبعي