لم يكن مخطئاً رسام الكاريكاتير الذي رسم خارطة الشرق الأوسط فصور إيران على شكل أخطبوط ينشر أذرعه في الدول العربية، لكنه لو انتظر قليلاً لجعل أذرع الاخطبوط تمتد إلى أوروبا.
مما لا ينكر أن إيران نجحت في تكوين لوبي إيراني لا يستهان به في أمريكا، شأنها شأن إسرائيل مع احتفاظ الأخيرة باللوبي الأقوى هناك، وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي السيء الذي تعيشه إلا أنها تسعى لتكوين لوبيات إيرانية في أماكن أخرى، وهذه المرة هدفها أوروبا وما تسعى إليه أكبر من لوبي. قبل يومين زار وزير الطاقة اليوناني طهران لبحث تسوية ديون بلاده لإيران والبالغة 2 مليار دولار، وهي قيمة البترول الإيراني الذي اشترته اليونان من إيران وجمدت أمواله في بنوكها، وبعد رفع العقوبات عن إيران يفترض أن ترد اليونان هذه المبالغ لإيران، لكنها لا تملك المبلغ، وقد عقد اتفاقات مع إيران منها استئناف اليونان شراء النفط الإيراني بما يعادل 25% من حاجة اليونان للنفط، والمتابع للأخبار يجد أن إيران ترحب بهذه الزيارة وسعيدة بها، وبالتأكيد إيران تعلم أن اليونان في حالة انهيار اقتصادي ولا يمكنها سداد قيمة مشترياتها فضلاً عن سداد قيمة ديونها السابقة لإيران، كذلك فإن من ضمن ما تم التصريح به أن إيران تسعى للحصول على وكالة تصنيع قطع غيار السيارات الأوروبية لتصنع هذه القطع وتغزو بها الأسواق الأوروبية! هكذا ورد الخبر مع أنه مضحك، لأن ما تصنعه إيران في عالم السيارات لا يعدو أن يكون خردة، والحقيقة أن مسألة تصنيع الأدوات من خلال وكالة تحصل عليها من اليونان يشبه إلى حد كبير اتفاقية إيران الملغاة مع تونس والقاضية باستقدام تونسيين إلى إيران ليتدربوا على صناعة السجاد الإيراني.
نعم إيران ترحب بهذه الاتفاقيات وهي تعلم أن اليونان لن تتمكن من تسديد ديونها القديمة، والأمر لا يحتاج إلى محللين لمعرفة سبب ترحيبها، لأن رئيس تحرير وكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية حسن هاني زادة، قال إن إيران تسعى لجني مكاسب سياسية من وراء هذه الاتفاقيات وليس مكاسب مالية فهي تريد صراحة أن تكون اليونان صوتها في الاتحاد الأوروبي وتتخذ مواقف لصالح إيران وخصوصاً في قضية اليمن والحرب الدائرة هناك على أتباعها الحوثيين، وعليه من حق إيران أن تفرح بعد أن جاءتها اليونان برجلها لتلعب إيران معها اللعبة ذاتها التي تلعبها مع الدول الفقيرة وتحقق النفوذ فيها، مع فارق أنها في اليونان لن تسعى إلى أن تحول سوفوكليس» و»خريستو» إلى «عبد الزهرة» و»عبد الحسين»، كما تفعل في نيجيريا وغيرها، لأنها تفكر كيف يكون لها مقعد في الاتحاد الأوروبي من دون أن تكون دولة أوروبية، وهذا ما تريد تحقيقه من خلال اليونان.
بقلم: د. فراس الزوبعي