لن يتوقف تأثير إيران في المنطقة إلا بهذا

المسؤولون الإيرانيون لا يتركون مناسبة إلا وأكدوا فيها من خلال تصريحاتهم على عمق سيطرتهم وتأثيرهم على محيطهم الإقليمي، آخر هذه التصريحات جاءت على لسان الرئيس الإيراني روحاني التي قال فيها بالحرف الواحد: «إن أياً من العراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج «الفارسي» لا يستطيع اتخاذ إجراء حاسم من دون إيران ورأيها»، قال هذا الكلام خلال زيارة ريكس تيلرسون وزير خارجية أمريكا إلى دول الخليج العربي التي جرى خلالها الحديث عن علاقة قطر بإيران وتحركات «حزب الله» في لبنان، وبغض النظر عن هذه التصريحات التي تظهر فيها المبالغة في بعض أجزائها إلا أنها وبشكل مجمل فيها كثير من الواقعية فإيران تسيطر فعلاً على القرار في سوريا ولبنان والعراق بل تسيطر على مفاصل الحياة، وفي منطقة الخليج لها تدخلات واضحة وفرضت حالة إرادتها.

تأثير إيران في المنطقة يأتي من رغبتها وسعيها إلى التفوق الإقليمي والسيطرة على المنطقة وجعلها تابعة لها، وقد كان لها هذا التأثير لأنها امتلكت أدواته التي أصبحت شبه مجانية بالنسبة لها، فهي لا تخسر أي شيء غير استثمار الموارد البشرية والمادية المحيطة بها في كل الدول التي تتدخل في شؤونها، حققت ذلك من خلال شبكة واسعة من الأعمال الاجتماعية داخل كثير من الدول العربية والأفريقية والآسيوية، وللتخلص من تأثير إيران لابد من تحديد سر قوتها في هذا المجال، والمتمثل أولاً بقدرتها على التخطيط فهي لا تفعل شيئاً غيره وتجيده أيضاً، وكل رجال العصابات الذين نراهم متواجدين في أماكن الصراع في الدول العربية لا يفعلون شيئاً غير الإشراف على تنفيذ الخطط الإيرانية، وواقع إيران تاريخياً يؤكد أنه لم تنتصر في مواجهة عسكرية مع العرب وإنما تتفوق في التخطيط، ولذلك ركزت عليه فقد جعلها متقدمة بخطوة على العرب دوماً، الذين تأتي خطواتهم على شكل رد فعل، ثانياً إيران تتحرك في الأراضي العربية بأيد وأموال وأسلحة عربية غير إيرانية صنعت أتباعا لها من خلال شبكة الأعمال الاجتماعية التي ذكرتها آنفا، وأفراد هذه الشبكة مخلصون لها في كل مكان، والسبب في ذلك يعود إلى أن إيران تشعرهم دوماً أنها المدافع المخلص عن حقوقهم وأنها تقف بظهرهم مع أنهم لو لجأوا لها في الواقع لتعاملت معهم على أساس عنصري، ثالثا، إيران تبحث بشكل مستمر عن توافق مصالحها مع الدول العظمى كما حصل في علاقتها مع روسيا في الصراع الدائر في سوريا، رابعاً، إيران تفتعل المشاكل خارج حدودها لتسلم على داخلها.

والواقع أن النقطة الأخيرة هي أفضل ما يمكن استخدامه للتخلص من تأثير إيران، فداخلها قنبلة قابلة للانفجار في أي لحظة وإشغالها بداخلها يدفع شرها وأذاها عن محيطها، وهذا ما لم يعمل عليه أحد، أما إذا بقينا نعمل بنظام إطفاء الحرائق فلن نتخلص من تأثير إيران ولن نتمكن من إطفاء حرائقها التي لم يطفأ أي منها إلى الآن وكل ما سيحصل أننا سنحقق الخسائر في أموال وأرواح وأراض عربية، ولذلك لا تخشى إيران من محاولة تقليم أظافرها في لبنان أو العراق أو أي مكان آخر لأنها في أقصى الحالات لن تخسر شيئاً.

بقلم: د. فراس الزوبعي