يحق لمصلي الجمعة ما لا يحق لغيره!!

ظاهرة تتكرر بشكل أسبوعي وقت صلاة الجمعة؛ ليس في البحرين وحدها بل في أغلب الدول العربية، عشرات السيارات تصطف جنباً إلى جنب في الشوارع العامة المحيطة بالمساجد مغلقة الطريق أمام السيارات المارة، حتى إن شرطة المرور في إمارة الشارقة وحدها حررت في إحدى جمعات أكتوبر الماضي «200» مخالفة، غرامتها «500» درهم وأربع نقاط سوداء على رخصة مرتكب المخالفة.
الطرق العامة ملك مشترك للجميع، والانتفاع منها بالمرور حق للجميع أيضاً، فلا يجوز لأحد إغلاق هذه الطرق ولو بدعوى الوقوف لأداء الصلاة، وعلى وجه الخصوص المسلم الذي هو أولى بكف الأذى والمحافظة على النظام وإعطاء الطريق حقه، لا أن يبادر هو بالمخالفة وعدم الاكتراث بالآخرين وقطع الطرق أمامهم، وقد يتسبب بضرر أكبر من التأخير إن كان بين السيارات المارة سيارة إسعاف أو إطفاء أو غيرها من سيارات الطوارئ، ولعل من يذهب لأداء صلاة الجمعة في مسجد الفاتح -على سبيل المثال- أو يمر أمامه قبيل الصلاة يلحظ تكدس السيارات هناك وإغلاق الطريق.
فما الذي يدفع المصلي لهذا السلوك؟ ولماذا يتجرأ على ارتكاب المخالفة عندما يريد أداء الفرض في هذه الدقائق المباركة ولا يتجرأ عليها في مكان آخر؟ هل أمن العقاب خلال هذه الفترة؟ أم تملكه شعور بتفضله على الإسلام والمسلمين بصلاته فيحق له ارتكاب المخالفات، ولا يحاسب عليها؟
لقد تميزت البحرين بتحضر أهلها والتزامهم بالأنظمة والقوانين ومراعاة الآخرين، وهكذا تبنى الحضارات وتتطور، فمجموعة من الأخلاقيات والقيم تتحول إلى سلوك وممارسات للأفراد، لتصبح نمط حياة في المجتمع، وظاهرة كهذه لا تتناسب والمجتمع البحريني المتحضر، ولعل علاجها أمر يسير يشترك فيه طرفان، المصلي سائق السيارة وشرطة المرور، أما المصلي فبحضوره المبكر لإيقاف السيارة بالقرب من المسجد وإلا أوقفها في المكان المناسب وإن بعد، أو ترك المسجد لآخر يتيسر الوقوف أمامه، وأما شرطة المرور فبأخذ دورهم ومحاسبة المخالفين فإن الله ينزع بالسلطان ما لا ينزع بالقرآن.
وعلى مصلي الجمعة أن يعلم أن هذا الفعل فيه إيذاء للناس، وأن سلوكه لاسيما وهو يؤدي الفريضة يشكل الانطباع لدى الآخرين عن الإسلام، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
وكم من حالة طارئة تعطلت وتضرر صاحبها، وكم من صاحب بيت صار المسجد عبئاً عليه يوم الجمعة عندما يغلق بابه وتحاصر سيارته بسيارات المصلين، وليعلم مصلي الجمعة أنه في صلاته لا يحق له ما لا يحق لغيره.

بقلم: د. فراس الزوبعي