لا تقول ما أعرف … قول ما بيه حيل!

بأحد الأيام الملك غازي دز على الملا عبود الكرخي الشاعر الشعبي والصحفي المعروف، وكان الملا توه راجع من سفرة طويلة بأنحاء العراق، لإن هذي طبيعة عمله كان يتجول بالأقضية المختلفة ويكتب، لما وصل الملا عبود للديوان الملكي وجلس عند الملك، الملك لاحظ أن الملا تعبان ووجه متغير، فسأله:

ـ ليش انقطعت عن زيارتي يا كرخي؟

ـ الكرخي: تعرف آني شغلتي أذرع الأرض (يتجول)

ـ الملك: أشوفك تعبان؟

ـ الكرخي: كبرت وصرت ما أتحمل مشقة السفر.

ـ الملك: بما أنك صحفي متتبع وشاعر شعبي فمن واجبك تتجول بكل أنحاء العراق حتى تشوف كل شي بنفسك وتكتبه بجريدتك حتى يطلع عليه الرأي العام، وما يخالف إذا ضحيت براحتك في سبيل المصلحة العامة.

ـ الكرخي: مثل ما تفضلت ولكن بعد ما عندي القوة اللي تساعدني على الترحال بصورة مستمرة.

ـ الملك: اسمع يا كرخي: يقولون واحد بحريني راد يقيم بالعراق، فأصدقائه قالوا له من باب التعليم والتوصية: إذا وصلت للعراق وكلفوك بشغلة معينة لا تقل (ما أعرف) لإن العراقيين ما يتركوك وراح يعلموك شلون تشتغلها، لكن إذا تريد تتملص من الشغلة فقول لهم (ما بيه حيل) فانت يا كرخي ما ترتفع عنك الواجبات إلا إذا صرت مثل ذاك البحريني وقلت ما بيه حيل.

القصة طريفة لكن العبرة منها أن الحاكم الي يترك بينه وبين شعبه مسافة ويحط حواجز راح يبتعد عن شعبه، والنهاية يضيع الود بينه وبينهم وتبدأ المشاكل وينتظرون الساعة اللي يخلصون بها منه، أما الحاكم القريب من شعبه الحريص على الصلة بهم اللي يتفقدهم ويبحث عمن ينقل له أخبارهم فهذا حاكم مد الجسور بينه وبين الشعب، ولذلك كان الملك غازي رحمه الله محبوب الشعب العراقي أكثر من أبيه فيصل الأول وابنه فيصل الثاني مع أن من بنى العراق ووضع أسسه هو فيصل الأول وليس غازي لكن غازي كان محبوب جدا.
هذا الكلام يشمل السياسي والنائب في البرلمان وغيرهم ممن صدر نفسه للشؤون العامة