بصباح أحد أيام أيار سنة 1915 صحى الناس على دخان أسود غطى سماء بغداد وانتشر بسرعة كبيرة، وبعدها نار كبيرة ودوي انفجار مخيف، وبقت النار مشتعلة والدخان يتصاعد مدة 15 يوم، التهمت النار خلالها 300 بيت وخان ودكان تقريبا، وقبل هذا الحريق كانت بغداد متعرضة لفيضان نهر دجلة، فانتشرت بعد الحريق والفيضان المجاعة والأوبئة مثل الطاعون والتيفوئيد… وين صار هذا الحريق وشنو أسبابه؟
لما أندلعت الحرب العالمية الأولى ودخلت الدولة العثمانية طرف بالمعركة كانت تشتغل ببغداد مجموعة من الشركات البريطانية وعندها مكاتب وفروع ومحلات وبواخر مثل شركة لنج وغيرها من الشركات البريطانية، ومع بداية الحرب الدولة وضعت يدها على أموال هذي الشركات وممتلكاتها وطردت الأجانب خارج حدود الدولة، هذي الشركات كانت تملك مستودعات بترولية (غازية ونفطية) وعلى أيامها كانت المواد البترولية يحفظوها بصناديق وتنكات، فنقلت الدولة هذي الصناديق والتنكات إلى علوة الخضروات بالعوينة لأن ساحتها كبيرة وتستوعب كمية البترول الموجودة، وبدا الحريق من هذا المكان سواء كان بفعل فاعل أو شرارة بدون قصد.. ومع أن أهل بغداد هبوا بشبابهم وشيابهم وخاضوا بالنزيزة اللي حوالين العلوة ونقلوا الصناديق والتنكات اللي ما وصلتها النار إلا أن هذا الحريق التهم محلة العوينة بالكامل وقسم من محلة الصدرية وقسم من محلة الشيخ سراج الدين وقسم من محلة الحاج فتحي.
حريق بغداد بسنة 1915 دام 15 يوم وأهل بغداد طفوه بنفسهم بدون مساعدة الأجانب، أما حريقنا اليوم مستمر 15 سنة وقسم من أهل البلد بدل ما يفزعون ويطفوه راحوا يحطون بيدهم الحطب عليه، وإذا كان حريق بغداد القديم التهم 300 بيت وخرب حياطينها فحريقنا هجم مئات الآلاف من بيوتنا من داخلها وخارجها.