كان يوم 5 كانون الأول/ديسمبر من سنة 1905 لما شكل السير هنري كامبل بانرمان حكومته ببريطانيا العظمي واختار السير إدوارد غراي وزيرا للخارجية، والأخير ما قبل يصير وزير خارجية إلا بعد إلحاح وضغط من حزبه، إدوارد غراي سياسي بارع وزوجته مثقفة، لكن يوم تشكيل الحكومة كانت خارج لندن، فلما سمعت بالأخبار أن زوجها صار وزير خارجية، أرسلت له رسالة كتبت له بيها: ((انت تخبلت؟!… شلون تقبل بوزارة خارجية دولة ما تغيب الشمي عن أراضيها؟ هذا حمل ثگيل وفوگ طاقتك.. انت تريد يطلع عجزك وتطلع صغير بعيون الناس بعد ما كان مقامك عالي ومحترم؟ هسه تستقيل وتترك هذي الشغلة للي يگدرون عليها)).
باختصار گالت له مد رجلك على گد غطاك.. لكن الرجل ما سمع كلامها وكمل وقضى أطول من أي مدة قضاها وزير خارجية قبله بالوزارة وكانت فترته من 1905-1916 وهي فترة مهمة لأنها شهدت الحرب العالمية الأولى، وكان الرجل ناجح بعمله جدا.
وبما أن العراق مقبل على تشكيل حكومة جديدة بعد كم شهر – هذا إذا تشكلت – فأعتقد راح يصير نفس ذاك الموقف ويه الوزراء “مع شويه اختلافات” تدرون نسوانهم أيضا مثقفات “كلش” وأيضا “يا سبحان الله” ما راح يكونون ببغداد لما تتشكل الحكومة الجديدة مثل ما كانت زوجة إدوارد غراي خارج لندن – يمكن تحصلوهم بلندن – المهم خارج بغداد، ويعلنون الحكومة وكل وحدة تشوف زوجها أي وزارة أخذ، بس الدنيا تطورت وماكو داعي للرسائل البريدية، فراح ترسل له واتس آب وتكتب به: ((لك شنو هاي؟! انت تخبلت؟! شلون تقبل بهذي الوزراة التعبانة؟! ما گلت لنفسك شراح نطلع منها؟! ولك شلون ضحكوا عليك بيها يا قشمر؟! طيح الله حظك.. امشي.. امشي.. روح رجعها وأخذ لك وحدة تسوى، وإذا ما سمعوا كلامك خلي الجماعة يحرگوا للشارع حرگ، حتى يعرفون وزنك وقيمتك وانك ما تتشاقة بهذي المسائل))، المهم يحاول يغير الوضع لكن ما يتغير لإن كل شي ماشي حسب المحاصصة والأصول المتبعة، وتحصل المفاجأة كما حصلت مع السير إدوارد غراي – لكن مع بعض الاختلافات البسيطة – فيقضي الوزير أربع سنوات ينجح خلالها في نتف “زغب” الوزارة – لإن اللي سبقه نتف ريشها – ويتمكن “بنجاح” من هدم أي منجز للوزارة حصل منذ العام 1921 عام تأسيس العراق الحديث وحتى آخر يوم كانت فيه الدولة دولة.