ربع دينار!

بيوم من أيام شتاء سنة 1938 ركب الصحافي المعروف نوري ثابت (حبزبوز) بواحد من الباصات ببغداد، والدنيا تمطر مطر قوي، والباص فارغ، فاستغل الفرصة – وكان گاعد بصف السايق- فگال له: يابــه على كيفيكم ويه الركاب وشويه عدلوا معاملتكم وتأدبوا ويه الناس ماكو داعي لأساليبكم اللي بيها قلة أدب..

 

السايق بدا يدافع عن نفسسه وعن جماعته السواق ويجيب أمثلة عن تجاوزات الركاب وقلة أدبهم وشلون هم يزهگون الفيل بتعاملاتهم، وصار أخذ ورد بينه، نوري ينصح والسايق يتذمر، ويگول له: يا أفندي أنت ما تعرف الركاب شلون أجناس بيهم! گال له: تمام بس انتوا لازم تعاملون الناس بلطف واللسان الطيب، والسايق يگول له: وداعتك ما يفيد بيهم.

 

وبهذي الأثناء طلعت امرأة تركض من واحد من الشوارع الفرعية وتؤشر للسايق حتى يوگف.. فوگف السايق ونزل المعاون (السكند) وفتح الباب للمرأة وگال لها تفضلي خالة صعدي.. المرأة گالت له: اصبر شوية.. راحت بسرعة ودخلت بالبيت.. ففرح السايق والولد اللي وياه وبقى الولد بالمطر، لأنهم توقعوا أن المرأة راحت تجيب باقي الركاب من البيت بعدما حبسهم المطر، خصوصا أن السيارة فارغة ما بيها ركاب والجو مطر والرزق قليل

 

بعد خمس دقايق طلعت المرأة وحدها ومدت يدها للمعاون (السكند) وگالت له: ((يرحم والديك ما تصرف لي هالربع دينار!))… گال لها: شنو انتِ ما راح تركبين؟! گالت له: لا شعندي أركب، آني بس اريد خردة بلكي تصرفوا لي الربع دينار!! وهنا انصدم السايق والمعاون والتفتوا على حبزبوز وصفنوا بوجهه، فگال لهم: ولكم شبيكم؟ ليس ساكتين؟ شگد ما عندكم شتايم طلعوها.. وإذا عازت تداينوا من العربنچية، وبيكم خير واشتموا!

 

هسه ما أدرى منين نبدي الشتايم وشلون نحضر العربنچية؟! يعني انتخابات وتزورت النتائج .. حسبوا الأصوات يدوي.. احترگت مخازن الصناديگ تحالفوا .. اختلفوا اتفقوا اختلفوا .. باعوا أول منصب مال رئيس البرلمان، اختلفوا على رئيس الجمهورية .. ما أدري شلون اتفقوا والناس تنتظر الحكومة وتشكيلها، وأكو ناس يتأملون.. وبعد كل هذا الانتظار والاغتيالات طلعت السالفة صرفوا لي الربع دينار!

 

د. فراس محمد