قبل الحرب العالمية الأولى كتب الشاعر معروف الرصافي قصيدة قال فيها:
تركوا السعي والتكسب في الدنيا وعاشوا على الرعية عالة
يتجلى النعيـــم فيهم فتبكي أعين السعي من نعيـــم البطــــالة
يـــــأكلــون اللبـــاب من كد قوم أعوزتهم سخيـــــنة من نخــــالة
هم من النـــاس حيث لو غربل الناس لكانوا نفايــــــة وحثـــــالة
حملونــــا من العيش كل عبء ثم زادوا أصهارهم والكلالــــــة
فكفينا أصهارهم مؤنــة العيش فكانوا ضغثا على أبــــــالة
قليل جدا من الكتاب من يذكر هذي الأبيات للرصافي وحتى من ذكرها لم يذكر سببها ومن كان يقصد الرصافي بهذا الهجوم.
هذي الأبيات لها قصة؛ گبل الحرب العالمية الأولى قدمت حكومة الدولة العثمانية مشروع قانون لمجلس المبعوثان (النواب) يخصص هذا القانون رواتب لـ (دامادية) آل السلطنة، والدامادية يعني أصهار (نسايب) العائلة السلطانية اللي ما ينتسبون للعائلة بالنسب وتزوجوا من الأميرات، والمعروف أن العائلة السلطانية لهم رواتب مخصصة من الدولة أما نسايبهم فالمفروض يشتغلون ويحصلون أرزاقهم حالهم حال باقي الناس، وجا هذا القانون حتى يخصص لهم رواتب مثل العائلة المالكة.
مشروع القانون هذا حمله وزير المالية جاويد للبرلمان وعرضه عليهم، فرفض المجلس هذا المشروع بالأكثرية واعترضوا عليه، فهددهم جاويد بالاستقالة فوافقوا مرغمين وخصصت رواتب للدامادية، والرصافي كان أحد أعضاء البرلمان (مجلس المبعوثان) فكتب هذي القصيدة اللي يهجوهم بها.
مسكين الرصافي ما يدري بعد هذا الحدث بـ 100 سنة صدرت الحكومة العراقية قوانين تخصص رواتب من الدولة لسكان رفحة ولأعضاء الأحزاب السياسية وللعصابات اللي قاتلت العراق وللمجرمين وغيرهم بدعوى الاضطهاد السياسي والشعب ميت جوع… بس الحمد لله (دامادية) هالأيام مالهم رواتب، لإن مشغولين بترتيب العقود والصفقات وأسمائهم أرفع من أن توضع بلائحة الرواتب، لأنها موجودة بغير قائمة.
د. فراس محمد