عبد العزيز المظفر كان أول عراقي عمل في بغداد مع القوات البريطانية اللي احتلتها سنة 1917، وهو دبلوماسي بغدادي عراقي معروف بالعهد الملكي “البائد” – مثل ما يسموه الانقلابيين اللي استولوا على السلطة واشتغلوا مبيدات – المهم مو هذا موضوعنا، المظفر اشتغل بالعمل الحكومي من سنة 1917 لما كانت الحكومة بيد الانگليز، وبعدها صار مدير لمنطقة الرصافة وسكرتير وزارة الداخلية ومدير المطبوعات ومدير النفوس ومتصرف الحلة والموصل، وبسنة 1931 نقلوه للخارجية بصفة دبلوماسي وخدم بالبعثات العراقية خارج العراق، الرجل كان يتكلم الانگليزية والفرنسية والألمانية.
سلوكيات المظفر من بداية عمله أثارت جدل واسع وصار اسمه يتردد بالصحف، بسنة 1929 كتب نوري ثابت (حبزبوز) مقال فكاهي عنه بجريدة البلاد – قبل أن يصدر جريدته المشهورة حبزبوز – المقال اسمه جوارب هولپروف، وأيامها كانت هذي الجوارب اعلاناتها بكل الصحف العراقية كل عدد لازم تشوف الإعلان موجود، مقال نوري انتقد الجرايد اللي تكثر من ذكر اسم الأستاذ عبد العزيز المظفر وكل يوم تكتب عنه وعن تنقلاته بالوظائف الحكومية من منصب لمنصب، وگال لهم: انتوا شتريدون من الرجال، قابل هو جوارب هولپروف، كل يوم تذكروه بالجريدة؟!
الجريدة نشرت المقال وبنفس اليوم بالليل راح نوري للمطبعة يسلّم مقال ثاني يوم، فالمطبعة سلموه طرد بريدي عبارة عن رزمة مكتوب عليها: هدية إلى الأستاذ حبزبوز، فتحها شاف بيها درزن من جواريب هولپروف الحريرية الفاخرة، وموقع عليها مع تحيات عبد العزيز المظفر!
راحت أيام ونوري فتح جريدته الخاصة، وكان عنده مساحة صغيرة في الجريدة عنوانها (سطر ونص) بسنة 1938 التاجر البغدادي المعروف حافظ القاضي – ساحة حافظ القاضي باسمه – كان من ضمن البضائع اللي يستوردها وهو وكيلها، الراديو.. فأهدى لنوري ثابت دليل الراديو، حبزبوز ما يعرف يسكت، كتب بمساحة سطر ونص عبارة عن حافظ القاضي يقول صديقي حافظ أهداني دليل الراديو وآني ما أملك راديو ونشرها بعدد كان بمنتصف شهر مايو/أيار 1938، باليوم اللي نشر السطر ونص رجع نوري لبيتهم بالليل، وشاف أهل بيته كلهم مجتمعين على الراديو ويسمعون، استغرب وگال لهم منين لكم الراديو؟ گالوا له هذا مصطفى القاضي شقيق حافظ القاضي جا بنفسه جاب الراديو ونصبه بالبيت وگال احنا برسم الخدمة لابو ثابت… يگول أبو ثابت هذي ثاني مرة مقالاتي تصير حوالة نقدية بنفس اليوم!
شو هذا النظام العراقي الحاكم من 2003 إلى اليوم يسمح للناس يكتبون ويتكلمون بالفضائيات عنه وينتقدوه، بس ولا مرة حولوها نقدي!
د. فراس محمد