ثلاثة رؤساء لا يستحقون الوصول إلى مناصبهم حملوا أمريكا كلفة باهظة الثمن نتيجة لوصولهم إلى مناصبهم، وهذا ما يحدث في كثير من الدول.
في خمسينات القرن التاسع عشر كانت أهم قضية في الغرب هي قضية العبيد، أغلب الدول الأوروبية تمكنت من تحريم الرق والعبودية، وبقيت أمريكا المعقل الأخير لاستعباد الناس في العالم، والحقيقة أن هذه القضية كانت مشكلة بأمريكا من الصعب تجاهلها، وفي عز استفحال هذه القضية حكم أمريكا ثلاثة رؤساء تعاملوا مع القضية بطريقة سلبية وبسببهم دفعت أمريكا ثمناً باهظاً، أول رئيس هو ميلارد فيلمور وهذا أصلاً كان نائب الرئيس زكاري تايلور ولم يصل إلى الحكم إلا بسبب أن الرئيس تايلور الذي ذهب ووقف تحت النصب التذكاري لجورج واشنطن لساعات طويلة تحت حرارة الشمس وأخذ يأكل كميات من الفراولة غير المغسولة ويشرب لبناً مثلجاً وماء من الشارع وفي أيامها كانت الكوليرا منتشرة وإدارة الصحة أخبروه كما أخبروا باقي الناس بالحذر وعدم أكل أي شيء لم يغسل، خصوصاً وأن منطقة النصب التذكاري كانت محددة ضمن الأماكن الموبوءة، المهم لم تمضِ أربعة أيام إلا وزكاري تايلور كان قد فارق الحياة، وحل محله النائب ميلارد فيلمور، وهذا لا يستحق أن يكون رئيساً، لكن الكوليرا بالفراولة واللبن أوصلته إلى الرئاسة.
أصبح فيلمور أمام المطالبات بحل قضية العبودية والعنصرية ومشاكلها لكنه كان يتجاهلها، ويوم أن قرر فعل شيء في هذه القضية قبل بتسوية كان قد رفضها سلفه، وهذه التسوية تقضي بتخصيص مناطق للسود «معازل» ليتمتعوا بالحرية ويمنعوا من دخول مدن البيض، فاستفحلت القضية أكثر، انتهت ولاية فيلمور ووصل فرانكلين بيرس للبيت الأبيض خلفاً له وهذا كان عنصرياً من أشد أنصار استمرار الرق والعبودية، ولم تنتهِ السنوات الأربع -مدة ولايته- إلا والأزمة بازدياد، وكان خلفه جيمس بيوكنا وهذا رجل ضعيف الشخصية لدرجة أنهم كانوا يسمونه «وجه العجين» لأنهم لم يعرفوا له أي موقف سياسي وعجز عن إدارة البلد بشكل حقيقي ولم يستطع قلع الأزمة من جذورها، والطريف أن هذا رشح نفسه مرات كثيرة للرئاسة فشل فيها كلها إلا الأخيرة التي فاز بها وأوصلته إلى الرئاسة أخيراً، وكان سبب فوزه لأنه أقل المرشحين إثارة للجدل بين الشمال والجنوب، وخلال ولايته الرئاسية وبسبب سياسته وسياسة الاثنين الذين سبقوه بدأت أمريكا تتفكك وانفصلت العديد من الولايات الأمريكية عن الاتحاد الفيدرالي وانتهـت ولايتـــه «الأربع سنوات» بحرب أهلية طاحنة، حتى تسنم الحكم بعدهم ابراهام لينكولن، وهذا كان رئيساً يستحق المنصب قضى على الحرب الأهلية وأعاد الولايات التي انفصلت واتخذ إجراءات حقيقية لإنهاء العبودية.
العنصرية أياً كان مضمونها عنصرية دينية طائفية قومية أو التعصب لحزب أو فكر أو جهة لا تبني دولاً وإنما تهدم الدول المبنية وتؤخرها، وارتكاب الأخطاء الفادحة بهذا المجال أو عدم فعل شيء تجاه قضية مهمة معناه أن الرؤساء أو المسؤولين لا يستحقون مناصبهم ولو بقيت أمريكا على أمثال الرؤساء الثلاثة لوجدناها اليوم 50 دولة متخلفة وربما أكثر، فكم من أمثال هؤلاء الثلاثة وصلوا إلى الحكم واستمروا فيه في الدول الفاشلة؟!
بقلم: د. فراس محمد