لم يجد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي سبباً أفضل من الرجوع 1400 سنة إلى الوراء لإعلان حربه على العرب السنة، مشيراً إلى واقعة الطف ومعسكري الحسين ويزيد، مدعياً أن قتلة الحسين «رضي الله عنه» مازالوا موجودين «يمثلهم السنة طبعاً» وأن الحسين موجود بلون آخر «حسب تعبيره» يمثله الشيعة.
في خطاب المالكي بمناسبة زيارة الأربعين الأخيرة وقبل اندلاع أي معركة ومواجهات أعلن من كربلاء أن أنصار الحسين وأنصار يزيد مرة أخرى وعلى طول الخط يصطدمون في مواجهة شرسة عنيفة، وبين لجمهوره أن الجريمة التي ارتكبت بحق الحسين لم تنته «رغم مرور 1400 سنة عليها» وأن استمرارها باستمرار وجود الإرهابيين التكفيريين البعثيين الصداميين النواصب.. إلى آخر سلسلة الأوصاف التي أصبحت نشيداً يتغنى به والتي يراد منها في الحقيقة كلمة واحدة فقط وهي «السنة».
عقب هذا الخطاب أمر جيشه بالتوجه إلى الأنبار ليفض الاعتصام السلمي بقوة السلاح وبإحداث مقتلة في أهل الأنبار، وأحرقت الخيم وأزيلت من ساحتها، واشتعلت على إثرها ثورة مسلحة تمثلت بأبناء العشائر في هذه المحافظة.
لقد اختار المالكي التوقيت والمكان المناسبين له لإعلان حربه الدينية هذه، فالتوقيت جاء في موعد زيارة الأربعين التي يحييها الشيعة وتلهب مشاعرهم، والمكان هو كربلاء «المدينة المقدسة عند الشيعة» ليؤكد من خلال ذلك أن الحرب حرب من أجل المذهب والدين وأنه قائدها، ومما يلاحظ عليه أيضاً أنه ظهر وهو يلقي خطابه بدون ربطة العنق التي يحرص على ارتدائها إلا عندما يكون في حضرة الخامنئي، وفي ذلك رسالة أيضاً.
في الواقع أن هذه الحرب تديرها إيران بالكامل وهي التي قررت البدء بها، ولا يمكن اتخاذ هكذا خطوة دون أمر منهم، وكل ذلك من بركات الاتفاق النووي الأخير الذي حصلت فيه على الضوء الأخضر من أمريكا للتصرف بالمنطقة.
ولكن يبقى في توصيف المالكي لمعسكري أنصار الحسين وأنصار يزيد شيء من التناقض، فإذا رجعنا لأدبيات الشيعة في ما يخص واقعة الطف نجدها تتحدث عن خروج الحسين رضي الله عنه ثائراً على الظلم مطالباً بالحقوق المغتصبة، وأنه خيم في كربلاء وهناك حدثت المواجهة وقتل وحرقت خيامه بيد جيش يزيد وأنصاره، وفي الواقع الحالي نجد أن من وصفهم المالكي بأنصار يزيد هم من خرجوا معتصمين ثائرين سلمياً ضد الظلم الذي لحق بهم سنين، مطالبين بأبسط حقوقهم، مدافعين عن أعراضهم وليس العكس، فيأتي جيش المالكي الذين وصفهم بأنهم أنصار الحسين، ليقتلوهم ويحرقوا خيامهم، فمن هم إذاً أنصار يزيد؟! ومن هم أنصار الحسين؟! وكيف يستقيم هذا الوصف وينطبق على السنة بعدما أصبح معكوساً؟! أم أن المالكي نسي من حرّق الخيام في واقعة الطف، أم انقلب على أدبياته في المظلومية؟ مر زمن طويل بين خيام وخيام.
بقلم: د. فراس الزوبعي