من هالمال حمل…..أو عندنا زيادة!

على آخر سنوات العهد العثماني كان المرحوم….. چلبي، عضو مجلس إدارة أحد الأقضية التابعة لبغداد، وكان يمشي على خطوات أبيه (عالكاتالوك) يعني أبوه يفصل ملابس عند فلان الخياط، هو يفصل ملابسه عند الخياط نفسه، أبوه يصلح نعاله عند فلان الرگاع، هو ما يغيره، بالإضافة لكل هذا كان نقي السريرة إلى آخر حد، يعني حد السذاجة والمخ الثخين.

لما صار عضو بمجلس القضاء طلبوا منه ختم، حتى يصدقون على القرارات.. أخذ ختم أبوه وراح لكاتب تحرير القضاء، وگال له: يرحم والديك، أريد أحفر لي مهر يكون مثل مهر الوالد تماما، ما تقرا لي شنو مكتوب (نسيت أگول لكم أن الچلبي ما يقرا ولا يكتب)، الكاتب أخذ المهر وبدأ يدقق بالكتابة وگال: عبده مدور، بالوسط محمد

يقصد مكتوب كلمة عبده على شكل حلقة دائرية وبوسطها مكتوب محمد، الحاصل الختم عبارة عن (محمد عبده) الچلبي سمع الجواب من هنا وركب الفرس وراح لبغداد للولاية من هنا، گعد بالگهوة واستراح وسأل الناس منو أحسن “حكاك” حفار أختام، الناس گالوا له أحسن واحد معروف اسمه حسني، راح عليه وگال أريد مهر مضبوط، الحكاك گال له: حاضر وممنون، شنو الاسم اللي أكتبه على المهر؟ گال له: أكتب: (عبده مدور بالوسط محمد).. الحكاك گال له: هذا شلون اسم؟ گال انت اكتب وما لك شغل، شگد ما تريد فلوس انطيك المهم الختم مضبوط.. الحكاك عرف هذا الچلبي كلشي ماكو… حفر له المهر على حسب الأصول، والچلبي أخذه ورجع لأهله، وبقى ينتظر أول اجتماع بفارغ الصبر حتى يكشخ بالمهر الجديد.

صار الاجتماع برئاسة القايمقام، وبعد أن ضبطوا القرار، طلب كاتب التحرير من الأعضاء خواتمهم حتى يمهر القرار، وجا دور الچلبي وسلمه الختم اللي كان أكبر ختم بين الاختام فتعجب الكاتب من حجمه، ولما ختم القرار وقرأ المكتوب ضحك، وگال له شنو هذا چلبي، گال له مولانا مثل ما امرتوا هذا المهر! گال له: لكن هذا مكتوب (عبده مدور بالوسط محمد) گال له: أي مثل ما انت گلت لي: (عبده مدور بالوسط محمد) گال له: تمام بس هذا كله مكتوب! الچلبي گال: إن الله مع الصابرين، مولانا مو انت اللي گلت لي ان مهر أبوي مكتوب به (عبده مدور بالوسط محمد)، گال لي: إي آني گلت (عبده) مدور بالوسط (محمد) گال له: إي .. وهذا ايش مكتوب به؟ الكاتب گال: مكتوب (عبده مدور بالوسط محمد) گال له: تمام بعد هاللغوة ليش؟ .. وهكذا استمر النقاش بين الكاتب والچلبي، بينما القايمقام والقاضي وباقي أعضاء المجلس ناموا على ظهرهم من الضحك!

ذكاء الچلبي، والنقاش بينه وبين الكاتب ما أدري ذكرني بمنو هالأيام.. مو هالشكل يا أهل هالأيام؟

د. فراس محمد