حجي عبد الملك آغا رجل شركسي من اللي نزح هو وأهله إلى العراق سنة 1877 بعد الحرب الروسية العثمانية وسكن بناحية دلي عباس بديالى مثل باقي الشركس، والرجل – الله يرحمه – كان طيب وصاحب خلق، لكن عنده مشكلة وحدة، كان متشائم، ومتكدر الخاطر وحزين طول ليله ونهاره، لدرجة أن أهل دلي عباس وما حولها سموه “مالك الحزين”، وهذي أمثلة عن وضعه:
سنة 1904 وخلال الحرب اليابانية الروسية سقط ميناء آرتر “پورت آرتر” على يد اليابانيين، حجي عبد الملك أضرب عن الطعام عدة أيام، ماتت بقرة جيرانه گام يبچي وينحب عليها تگول مفارگ عزيز عليه.. غيمت السما وبدت ترعد وتبرق، حجي عبد الملك يتألم من مكانه كأنه صار يوم القيامة.. من أوهامه كان ما ينام على السطح مثل باقي الناس، يگول خاف وآني نايم توگع علي “عيارات” الميزان مال برج الميزان.
من سوالفه المضحكة، يوم من الأيام كان ببيته وعنده ضيوف عازمهم على الغدا، بدا ياكل هو وضيوفه، ودخل عليه الخادم وهو مندهش ويصيح.. آغا .. آغا.. حمارة جيراننا ولدت جحش بلا أذن ولا ذيل، وبعده عايش.. حجي عبد الملك آغا نفض يده من الأكل وبدا يتأوه، ويتكأب ويتذمر ويگول: لا حول ولا قوة إلا بالله.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. وتلوموني بعد ليش أحزن وانقهر وأكره هالحياة الحقيرة؟! شلون لو كبر هذا الجحش المسكين وصار حمار وصاحبه قرر يحمّل عليه بيوم مطر، وبعدين زلگ الحمار ووگع وانطرح الحمل، شلون صاحبه راح يگدر يوگفه على رجله وهو لا أذان ولا ذيل يرفعه منه؟!
لك آغا لعد انت لو عايش ويانا وشايف الجحش اللي ولد يمنا؟ چان شصار بيك؟!
إذا جحشكم ما به لا أذن ولا ذيل، جحشنا ما بيه لزمة من أي مكان، وشوفة عينك الحمل مطروح والدنيا زلگ!
د. فراس محمد