د. فراس محمد
بأواخر العشرينيات كان بدائرة الميناء بالعراق موظف أوروبي ضابط اسمه (لافانتين) عنده طباخ هندي يخدمه، راتبه 15 روبية.. الطباخ يصرف من الميزانية وبآخر الشهر المستر يحاسبه على المصروفات، الطباخ الهندي تعود كل شهر يشتري للموظف – بدون موافقته واذنه – بطاقة يانصيب (برما) – من بطاقات الهند الشرقية – بعشر روبيات ويضيف قيمتها على حساب المطبخ – من ميزانية الميناء طبعا –
كل شهر المستر يشوفها ويسكت، إلى أن وصل مرحلة بآخر شهر فقد صبره وگام على الهندي شبعه دفرات وبوكسات وكفخات، وگال له انت منو گال لك كل شهر تشتري لي بطاقة يا نصيب؟ روح هذي البطاقة الأخيرة مخصومة من راتبك ودفع له راتبه خمس روبيات بدل 15 ورمى عليه بطاقة اليانصيب.
راح الطباخ الهندي وگعد عند زملائه الطباخين وهو مقهور سولف لهم القصة وگال لهم هذا الشهر ما أگدر أطلع أسهر وياكم لان ما بقى عندي فلوس….ثلاثة من الطباخين گالوا له: احنا ما نقبل راح يدفع كل واحد ربيتين ونص بس إذا فازت البطاقة نقسمها على أربعة وجمعوا له سبع روبيات ونص.. مشت الأيام والأسابيع والتقى الطباخ ببائع البطاقات، فگال له البائع وينك.. شو ماكو ما تشتري مني بطاقات كل شهر… سولف له القصة وگال له البطاقة صارت لي… البايع گال له: ما تشوفني رقمها؟
شافها البايع وگال له: ولك هذي فايزة بالجائزة الأولى 60 ألف روبية صارت لك… طار الهندي من الفرح وراح ركض خبر الضابط اللي أول ما سمع الخبر فقد شعوره وضرب راسه ضربة كان نتيجها ارتجاج بالمخ واختلال بالشعور… على أثرها منحته دائرة الميناء إجازة مرضية براتب تام ومخصصات سفر كاملة حتى يتعافى دماغه… وبوقتها أحد العراقيين التقى بالضابط بإيران اللي كان يغير جو بيها.
لو باقين على العشر روبيات اللي يصرفها الهندي كل شهر مو كان أحسن.. المشكلة في وقتها ما كو أحد عرف دائرة الموانئ صرفت هذي الرواتب والمخصصات للمستر تحت أي بند….وبقى هذا الموضوع غامض عشرات السنين لكن اليوم مجلس النواب والحكومة العراقية عندهم خبرات ما صارت بتاريخ الدولة العراقية الحديثة بالصرف على بطاقات اليانصيب ومخصصات المستر، من كثر المساتر – جمع مستر – اللي يصرفون تحت هذا البند.. لذلك نتوجه لهم بهذا السؤال بلكي نعرف دائرة الميناء تحت أي بند صرفت للمستر قبل أكثر من 90 سنة!
د. فراس محمد