اختفاء طائرة الخطوط الجوية الماليزية البوينغ 777 هذا الشهر ربما يكون أحد ألغاز التاريخ المعاصر، لكن من الواضح أن ما صدر من تصريحات حول هذه الحادثة إلى الآن يشكل نصف الحقيقة.
ينشغل الرأي العام العالمي هذه الأيام بقضية الرحلة 370 لطائرة الخطوط الجوية الماليزية التي أقلعت من مطار كوالالمبور واختفت في طريقها إلى بكين وكان على متنها 239 شخصاً، هذه الحادثة الغريبة دار حولها جدل كبير خلال الأيام الماضية وصدرت تكهنات من جهات عدة حول سيناريوهات اختفائها، ومع هذا الكم الهائل من التوقعات يتفق الخبراء والمسؤولون في ماليزيا وأمريكا وعدد من دول العالم على مجموعة حقائق أهمها أن اختفاء الطائرة حصل بفعل متعمد وأن الشخص المسؤول عن العمل كان من داخل الطائرة، وأن الطائرة قطعت الاتصال مع أبراج المراقبة عقب ساعة من إقلاعها بعد آخر اتصال لها مع برج المراقبة الماليزي وقبيل اتصالها ببرج المراقبة الفيتنامي ومن هذه النقطة انعطفت الطائرة عن مسارها.
لكن الأقمار الصناعية رصدت أزيز الطائرة لمدة خمس ساعات بعد انقطاع الاتصال بها، ويرى الخبراء أنها ربما سلكت ممراً يمتد بين حدود كازاخستان وتركمانستان أو آخر يمتد من إندونيسيا حتى جنوب المحيط الهندي، كما أن من بين الحقائق أن الطائرة كان على متنها إيرانيان اثنان بجوازات سفر مزورة، كذلك فإن ماليزيا حصلت على بيانات ركاب الطائرة المفقودة من الدول كافة باستثناء روسيا وأوكرانيا، لكن هذه الحقائق تعطي انطباعاً بأنها غير كاملة وهناك أجزاء معروفة لدى المسؤولين في ماليزيا وأمريكا لم تعلن إلى الآن.
الحقيقة لا بد أن تكون كاملة غير مجتزئة، وأجزاؤها لا يمكن أن تسمى حقيقة، وفي هذه القضية تطورات من بينها محاولة إلصاق تهمة اختفاء الطائرة بقائدها زهاري أحمد شاه كونه منشقاً سياسياً، وهو أمر لا يتناسب وسجله المهني الحافل، فقد التحق بشركة الطيران عام 1981 وله 18365 ساعة طيران فالرجل مخضرم وسجله نظيف.
طائرة بهذا الحجم لا يمكن أن تختفي بسهولة، كما أنها تحتاج إلى مدرج طويل لتهبط، هذا بالإضافة إلى أن دولاً عظمى مثل أمريكا تمتلك من التكنولوجيا ما تتبع به الأفراد فضلاً عن طائرة بهذا الحجم، وحالات اختطاف الطائرات غالباً ما يكون لأسباب سياسية سرعان ما يصرح المختطفون بطلباتهم الأمر الذي لم يحصل في هذه الحادثة.
فهل تشترك دول في قضيـــة اختفــاء هـــذه الطائرة؟ وهل هناك مساومات سياسية كبيرة ستكون على خلفية هذه القضية؟ وهل تدفع ماليزيا في هذه الحادثة ثمن عدم سماحها للتشيع بالانتشار في ماليزيا؟ أم نجح من يقف وراء الحادثة بصرف الأنظار عن الوضع في أوكرانيا، بالتأكيد التحقيقات وإن ستكون شاقة وطويلة إلا أنها ستجيب على هذه الأسئلة.. فالطائرات لا تختفي.
بقلم: د. فراس الزوبعي