رحم الله أياماً قال فيها أحمد مطر «الثور فر من حظيرة البقر.. الثور فر» وقتها كانت الحظيرة عربية والعلف عربي، واليوم لم يعد هناك ثور وآلت ملكية الحظيرة لإيران وتولت أمريكا تزويدها بالعلف.
لا يكاد يمضي يوم واحد إلا ويأتي دليل جديد يتضافر مع الأدلة السابقة المؤكدة على وجود إرادة أمريكية تقضي بإطلاق يد إيران في المنطقة وتوسيع نفوذها وإخضاع الدول المجاورة لها كبديل للإسلام «السني» الذي شهد صحوة وتنامياً منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وكانت حرب أفغانستان بالون الاختبار الذي قاست به أمريكا وضع المسلمين في قضية القتال والدفاع عن الدين، وقد وجدت أمريكا أن لا سبيل لإخضاع الدول الإسلامية في المنطقة لإيران إلا بوجود صراع طويل الأمد تعمل فيه على تقوية إيران وتضعف الدول العربية، إيران بدورها التقطت هذه الفكرة منذ بدايتها واستثمرتها جيداً بتمهيد السبل التي تحققها فعملت على توسيع نفوذها من خلال إلحاق الهزائم المتتالية بالعرب السنة في أكثر من دولة بعد أن فتحت أمريكا الطريق أمامها، في المقابل الدول العربية أصبحت أكثر تشرذماً وتفككاً ولم تعد منظومتها وأعني جامعة الدول العربية موجودة على أرض الواقع وراحت كل دولة تبحث عن طريقة تخلصها من دخول حظيرة إيران، لدرجة أنها سكتت عن بسط نفوذ إيران على عدد من الدول المجاورة لها وسلمت بذلك عسى أن تكتفي بها إيران، وراحت أخرى أبعد من ذلك عندما سهلت لإيران ابتلاع هذه الدول، وتناسى الكل المثل العربي القائل «أكلت يوم أكل الثور الأبيض» فتمكنت إيران من تحقيق نجاحات في هذا المشروع لا بقوتها ولكن بتفرق من يقابلها.
ولأن إيران لاعب سياسي محترف يدرك قوانين اللعبة وأخلاقياتها بالكامل، راحت تلعب هي الأخرى مع أمريكا لتحصل على مزيد من المكاسب، فنجدها تصعد الأحداث الأمنية في مناطق نفوذها عند اقتراب مباحثاتها النووية مع الغرب، وتهدد فعلياً مصالح أمريكا لترضخ وتستجيب لها، وهي في تقدم مستمر، ومن خلال هذه المعطيات علينا أن نعرف أن المستهدف في هذا المشروع كل الدول الإسلامية المحيطة بإيران فالمسلمون ليسوا في العراق وسوريا ولبنان واليمن فقط، وأن مشروع أمريكا لن يتوقف بإيران عند هذه الدول التي ابتلعتها وسيتوسع لتكون المحطة القادمة في الخليج العربي وستكون البداية بالدول التي فيها أحزاب إيران وخلاياها النائمة والمستيقظة، فالمشروع الأمريكي كبير يقتضي إعادة رسم خارطة المنطقة من جديد وهذا لن يكون بالتقسيط، لكنه سيأتي بعد إغراق المنطقة بالكامل وتكبدها خسائر كبيرة في مواردها الاقتصادية والبشرية ما لم تتخذ الإجراءات اللازمة لإيقافه والتي تبدأ بصده في أقرب نقطة وصل إليها وهي العراق.
ما يحصل الآن هو إدخال الدول العربية المستهدفة إلى الحظيرة الإيرانية طوعاً أو كرهاً، وبإمكانات أمريكية لتجمعهم في مكان واحد وتعيد تشكيلهم كيفما شاءت فهل سنكتشف الخطة ولو متأخرين أم سنبقى تحت مخدر السياسة الأمريكية التي لا تعرف غير المصالح
بقلم: د. فراس الزوبعي