قاطرة التحالف لمحاربة «داعش»

قطار التحالف الدولي الكبير الذاهب لقتال الدولة الإسلامية «داعش»، تقول أمريكا على لسان وزير خارجيتها جون كيري إن الحكومة العراقية ستكون قاطرته، ولكم أن تتخيلوا كيف وأين سيسير ذلك القطار. لا تريد أمريكا أن تكون وحدها في حربها الجديدة لذلك تحشد دول العالم معها على غرار ما فعلت في العام 1991، مع اختلافات في طبيعة القتال فقد صرح أوباما أنهم لن ينخرطوا في حرب برية مرة أخرى، ولكنهم سيدعمون القوات التي تقوم بهذا الفعل، وستتولى أمريكا ومن معها الغارات الجوية، ولغاية اليوم ليس للولايات المتحدة شركاء محليون في الأراضي التي تسيطر عليها «داعش» لا في العراق ولا في سوريا، هذا يعني أنها ستعتمد على جيش الحكومة العراقية والميليشيات المتجحفلة معه، ما يعني أن الطائفيين وحدهم سيكونون قادة القاطرة التي تجر قطار الحرب، وهذا ما يجعلنا أمام الوضع الآتي:
لن يتمكن الحلف الجديد من هزيمة «داعش» بالاعتماد على الضربات الجوية والميليشيات الطائفية، وستطول هذه الحرب مدة ثلاث سنوات وربما تزيد، وستخلف مئات آلاف القتلى والمعوقين ولن تسمح للنازحين بالعودة إلى ديارهم، علماً أن أرض المعركة ستكون في مناطق العرب السنة فقط، وأغلب الضحايا سيكونون من الأهالي العزل الذين لا علاقة لهم بداعش والذين تستهدفهم الحكومة العراقية حالياً بالبراميل المتفجرة وستعمل على توجيه طائرات الحلف نحوهم لقتل أكبر عدد ممكن لأسباب طائفية بحتة، كما إن داعش عملت على الانسحاب من بعض المناطق التي سيطرت عليها وستعمل على تكتيك يمنع انتشارها بشكل مكشوف ويسمح لها بإجراء عمليات نوعية بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة وغيرها وهو ما لا يتطلب العدد الكبير، وقد ينسحب العدد الأكبر منها إلى مناطق داخل سوريا، لذلك نحن أما مشهد معقد لغاية.
وقد تسببت أمريكا والمجتمع الدولي في تعقيد هذا الوضع، فلم يتحرك أحد منهم تجاه جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها الحكومة الطائفية وبراميلها المتفجرة وميليشياتها بحق العرب السنة أصحاب الأرض، بل ركزت على الجرائم التي ترتكبها «داعش» بحق بعض الأقليات وهي لا تعد شيئاً أمام جرائم الحكومة وميليشياتها، الأمر الذي سيكون سبباً في عدم دعم العرب السنة لهذا الحلف مع أنهم المتضرر الأكبر من تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أنهم لا يرون مصلحة في المشاركة بقتال نتائجه إبدال سطوة داعش بسطوة الميليشيات الطائفية التي تذبح وتحرق وتعتقل وتسلب وتعمل على إلغاء هويتهم.
الاعتماد على الحكومة العراقية كقاطرة تقود قطار التحالف الدولي يجعلنا أمام قطار بمحركات إيرانية لا يسير إلا على السكة التي تريدها إيران، ويتوقف للقتال في محطات لا علاقة لها بالإرهاب.

بقلم: د. فراس الزوبعي