بعد اتحاد دام 307 عاماً، اسكتلندا تفصلها خمسة أيام عن التصويت للانفصال عن المملكة المتحدة، والأسباب التي دعت للمطالبة بالانفصال واضحة جدا ومعلنة فاسكتلندا التي تتمتع بوضع فيدرالي ولها برلمانها وحكومتها، يعتقد سكانها أن إدارة المملكة المتحدة الاقتصادية سيئة وأن الانفصال سيحقق النمو وتركيز أكبر على العدالة الاجتماعية، كما يرغب الاسكتلنديون بالاستقلال في الهوية والتخلص من سيطرة المملكة المتحدة التي يرونها تتحكم بشؤونهم الخاصة ولا تعمل إلا لصالح الأنكليز، هذه هي كل الأسباب.
يعني الحرائر الأسكتلنديات لسن في سجون ديفيد كاميرون رئيس الوزراء، ولا يوجد هناك اعتقالات ومداهمات تنفذها تيريزا ماي وزيرة الداخلية بحق الأسكتلنديين وتجرهم إلى السجون بالآلاف ليموتوا تحت التعذيب بسبب الهوية. كما أن مايكل فالون وزير الدفاع لم يرسل مروحياته لتلقي براميلها المتفجرة على أحياء أدنبرة وغلاسكو وتذبح أهلها بالجملة، أما المرجعية الرشيدة بقيادة الملكة إليزابيث دام ظلها الوارف، لم تصدر فتوى لتشكيل ميليشيات تقاتل الاسكتلنديين وتفجر بيوتهم، ولا يوجد في أسكتلندا البالغ تعداد سكانها 5 ملايين نسمة، 5 ملايين نازح ومهجر، لكن الأسكتلنديين اعتبروا أن الحفاظ على الهوية وتحقيق فرص للنمو تستحق الانفصال.
في المقابل تواجه المملكة المتحدة دعوى الانفصال هذه بطرق عدة، منها أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ناشد شعوب المملكة أن توجه رسالة للاسكتلنديين ليثنوهم عن مشروعهم كما ناشد الشعب الأسكتلندي بالبقاء مع الاتحاد. وقال لهم سنضعف من دونكم، واستخدم كلاما عاطفيا مثل دعونا نقول أننا أفضل معا وسننهض معا، ولم يقل لهم إن لم تتركوا مطالبكم ستكون هناك فتنة ماحقة حالقة مثلما فعل المالكي ونسب العبارة إلى القرآن الكريم، كما أرسل لهم ألستر دارلنج وزير المالية السابق ليقف على أرضهم في جامعة أدنبرة ويخاطب عواطفهم ليبقوا مع الاتحاد، يعني الرجل ما راح كربلاء ووقف على أرضه وبين جمهوره وقال الآن صرنا معسكرين معسكر الحسين ومعسكر يزيد.
ربما تنفصل أسكتلندا أو تبقى، لكن هذا الحديث يثير تساؤلا يخص العراق فبعد 11 سنة من الاحتلال وتمكن الإيرانيين من البلد وسحق العرب السنة وجعلهم مواطنين من الدرجة الثالثة وتهجيرهم في الداخل والخارج والاستمرار في إبادتهم وإذلالهم، وموافقة دول العالم على ذلك، ألا يحق للعرب السنة أن يلجؤوا لخيار الحكم الذاتي بعد فشل كل الخيارات، ويفرضوه على العالم كمطلب واحد كما فعل المصريون مع مبارك عندما قالوا له «ارحل» كلمة واحدة، لا أربعة عشر مطلباً يتسلق عليها السياسيون، ويحافظون بذلك على وجودهم وهويتهم التي أصبحت في طريقها إلى الزوال بل ويحافظون على العراق من التقسيم.
إذا كانت أسكتلندا تعتبر موسيقاها المختلفة عن غيرها هوية وتدافع عنها، فالعرب السنة هويتهم ودينهم ووجودهم في خطر ولم يبق لديهم ما يخسروه أصلاً.
بقلم: د. فراس الزوبعي