قبلة طويلة قبل النوم

قال لها: هل تذكرين التفجير الذي حصل عند المركز التجاري العالمي سنة 1993؟ أثناء المحاكمة ادعى أحد المشتركين أن المخابرات المركزية الأمريكية تعلم مسبقاً بالأمر، وبالفعل فالدبلوماسي الذي أصدر التأشيرات للإرهابيين كان من مكتب المخابرات.. فلما استغربت، قال لها: ليس بالأمر الذي يصعب التفكير فيه فهم مهدوا الطريق للتفجير.. هنا استدرك آخر قائلاً: تقصد أنك ستقوم بعملية إرهابية كاذبة لموافقة الكونغرس على زيادة الأموال؟! فأجابه: لسوء الحظ يا سيد «هنسي» ليس عندي فكرة كيف أكذب بمقتل أكثر من 4000 شخص، لذا يستوجب أن نفعلها حقيقة وبالطبع ننسبها للمسلمين.. هكذا أحصل على تخصيصاتي المالية.
كان ذلك حواراً من فيلم «قبلة طويلة قبل النوم» الذي أنتج عام 1996، وبعد هذا الفيلم بخمس سنوات أي في العام 2001 أصبح الحوار واقعاً عندما فجر مركز التجارة العالمي ونسب العمل للمسلمين ووافق الكونغرس على ميزانية عسكرية قدرها 400 مليار دولار، بهذه الطريقة تعالج المؤسسات الأمريكية أزماتها واحتياجاتها المالية لاسيما المؤسسة العسكرية، وعليه لابد من البحث وراء الأهداف الحقيقية لدعوة الأمريكان دول العالم للتحالف لقتال داعش، خصوصاً وأن وزير الدفاع الأمريكي وضع 500 مليار دولار ميزانية لهذه الحرب وأخرجها بظرف أسبوع واحد ولا نعرف إن كان قد أطلع الشركاء والمانحين على بنود هذه الميزانية العملاقة التي لا يمكن الحصول عليها فوراً فبادرت الإدارة الأمريكية إلى الحديث عن سنوات لإنجاز المهمة أو بالأحرى الحصول على المبلغ من الدول الخليجية التي ستتحمل الفاتورة الأكبر، وحتى لا نذهب بعيداً عن الأهداف الحقيقية لهذه الحرب لابد أن نقف عند حديث «جيم ريكاردز» مستشار التهديد المالي والحرب غير المتماثلة لكل من الـ CIA والبنتاغون قبل أيام، فقد أنذر بسقوط الدولار وانهيار أمريكا كقوة عظمى وحصول كساد يستمر 25 سنة، وستظهر هذه الأزمة المالية في مارس 2015 وقال إن هذا التحذير أطلقه 16 فرع استخبارات من ضمنها الـ CIA والـ FBI والبحرية وغيرها، هذا يعني أن أمريكا أمام أزمة تريد الخلاص منها.
فهل يستحق قتال داعش كل هذا المال والحشد؟ ببساطة لو قسمنا مبلغ 500 مليار دولار على عدد أفراد داعش الذين يبلغ عددهم على أرجح التقديرات 20 ألف مقاتل لوجدنا أن المقاتل الواحد يكلف 25 مليون دولار للقضاء عليه، وهو الرقم نفسه الذي وضعته أمريكا مكافأة لمن يدلهم على أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، ولو أنفق العالم عشر هذا المبلغ على برنامج تنموي ضخم يعالج الفكر بدلاً من تدخل عسكري يحدث قتلى ومعوقين ومهجرين جدد لكان أجدى وأنفع، ولو أعادوا للعرب السنة في العراق حقوقهم لما احتاجوا لهذا الحشد الكبير.
لم يسبق أن تدخل الغرب لصالح المسلمين، والحرب على داعش يجب أن تكون عربية بعيداً عن إيران والغرب وأن تعالج الفكر أولاً، أما الحرب بهذه الصيغة فهي لإنقاذ اقتصاد أمريكا وإفقار الخليج.

بقلم: د. فراس الزوبعي