أوباما.. سمعت رسالتكم

«سمعت رسالتكم».. بهذه العبارة خاطب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأمريكيين معلقاً على الصدمة التي تعرض لها والديمقراطيين مؤخراً جراء نتيجة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي، والتي تقدم فيها الجمهوريون تقدماً كبيراً أتاح لهم السيطرة على غرفتي الكونغرس «الشيوخ والنواب».
تعد هذه الانتخابات التي تجري في منتصف كل ولاية رئاسية مهمة لأن الناخبين يجددون فيها عضوية ثلث أعضاء مجلس الشيوخ وكل أعضاء مجلس النواب و36 من حكام الولايات البالغ عددها 50 ولاية وعدداً كبيراً من المناصب الحكومية، إلا أن الانتخابات الأخيرة كانت مميزة لأن نسبة الجمهوريين زادت ووصلت إلى مستوى غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، كما أنها المرة الأولى منذ العام 2006 التي يسيطر فيها الجمهوريون على الكونغرس بمجلسيه، وكذلك خسر الديمقراطيون حكم ولايات لصالح الجمهوريين، المفاجأة كانت عندما صوتت ولايات كانت مقفلة على الديمقراطيين لصالح الجمهوريين، كما أن نسبة الفوز كانت بمثابة موجة كاسحة للديمقراطيين، وهذه رسالة واضحة لتراجع شعبية أوباما والديمقراطيين من خلفه.
نتائج الانتخابات هذه منحت الجمهوريين إمكانية إعاقة قرارات أوباما وشل وإيقاف سياساته في العامين المتبقيين له في الرئاسة، لكن هل سيفعلون ذلك، خصوصاً في القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط؟ الواقع بالنسبة لنا نحن العرب لن يتغير شيء سواء كان الديمقراطيون أم الجمهوريون، فالموضوع يشبه الفرق بين البيبسي كولا والكوكا كولا، كلاهما له نفس اللون والطعم والرائحة، ولا يوجد خلاف بين الطرفين في قضايا مصالح أمريكا، وهناك اتفاق فيما يتعلق بالسياسة الخارجية التي تخص المصالح الدولية، ربما يبدو الجمهوريون أكثر تشدداً مع ملفات الشرق، خصوصاً مع الملف النووي الإيراني، إلا أنه لن يحدث أي تغيير فيه خصوصاً بعدما أصبحت إيران تخدم الإستراتيجية الأمريكية بشكل واضح من خلال أذرعها في الدول العربية.
لكن قد يحدث خلاف بين الطرفين في موضوع أساليب علاج ملفات الشرق الأوسط إلا أن الإستراتيجية لن تتغير، فأمريكا عندها ثلاثة ثوابت في المنطقة كما يرى أحد الخبراء وهي الأمن القومي لإسرائيل، واحتواء الخطر النووي الباكستاني والإيراني، ثم إبقاء السيطرة على المصالح الاقتصادية البترول العربي والاستثمارات، وهذا ليس له أي تغيير على السياسة الأمريكية، وقديماً قال هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق وصانع السياسات: «أمن إسرائيل والبترول أمر مهم لا يمكن أن نتركه للعرب»، وعليه فالمنطقة العربية تمثل بالنسبة للأمريكيين منجم الأموال التي تحل بها مشاكلها الاقتصادية وإبقاء هذا المنجم مفتوحاً يستوجب إبقاء الحريق في المنطقة، لذا لن نرى منهم سواء كانوا جمهوريين أم ديمقراطيين غير المذابح.
السياسة الأمريكية في المنطقة ثابتة والعملية ليست أكثر من تبادل للأدوار بين الجمهوريين والديمقراطيين وهم متفقون على المستوى الإستراتيجي.

بقلم: د. فراس الزوبعي