المأسدة والقاعدة عندنا

المأسدة اسم يطلق على المكان الذي تكثر فيه الأسود، لكن عندما يذكر اسم المأسدة أول ما يتبادر إلى الذهن ذلك المكان في أفغانستان الذي جهز ليكون معسكراً لاستقبال وتدريب المجاهدين العرب وإعدادهم للقتال أيام الجهاد الأفغاني، وبعد نهاية الجهاد أصبحت المأسدة وروادها نواة تنظيم القاعدة، فهي المركز الذي يتدرب فيه الراغبون في العمل الجهادي ضمن التنظيم الجهادي الذي عرف فيما بعد بتنظيم القاعدة، وبذلك اقترن اسم المأسدة بالقاعدة، ومنذ ذلك الوقت والعالم مشغول بذلك التنظيم وتطارد أمريكا والدول الأخرى أتباعه ومناصريه في كل مكان، حتى أصبحت كلمة «القاعدة» تهمة، فصار الناس يتحرجون من ذكر أي جملة ترد فيها كلمة «قاعدة»، فمثلاً بدل أن تتكلم الأحزاب والجمعيات السياسية عن «القاعدة الجماهيرية» لها، أصبحت تستخدم كلمة «جمهورنا» لتبتعد عن ذكر القاعدة.
مما ابتليت به كره الزواحف وعدم تقبلها، لا سيما الوزغ منها (أبو بريص) ذلك الزاحف المقزز الذي يسير على الجدران داخل وخارج البنايات، مما أثر سلباً علي وجعلني أصوب نظري إلى الأعلى دوماً عند دخول أي مكان لأرى إن كان موجوداً أم لا، وانسحب ذلك حتى على سيري في الشوارع، الأمر الذي أتاح لي فرصة قراءة كل الإعلانات وأسماء المحلات والشركات، وقد رأيت بذلك العجب العجاب في أكثر من دولة في العالم، لكن البحرين فاقت غيرها في قضية عدم تناسب الاسم مع نشاط المحل، ولعل من أطرف ما قرأت قبل سبع سنوات، صالون حلاقة بعنوان «صالون القاعدة للحلاقة الرجالية» وفوجئت مؤخراً عندما قرأت اسم ورشة بعنوان «المأسدة لتصليح كهرباء السيارات»، بالتأكيد الورشة تضم فنيين وليس هناك أي أسود داخلها، كما إن وظيفتها لا تتطلب الضياغم لإنجازها، هكذا ببساطة تحول أخطر تنظيم في العالم إلى صالون حلاقة، وتحول مقره إلى ورشة لتصليح كهرباء السيارات.
أسماء المحلات في الشوارع تعد بشكل وآخر واجهة للبلد وتعكس مدى الوعي، وحسن انتقائها واختيارها مسؤولية فهي تمنح انطباعاً لدى الزائر وتلفت انتباهه، وحتى من الناحية التجارية فإنها تؤثر على الزبائن، فما علاقة نشاط أحد محلات الهواتف بعنوان «أبابيل» الذي ورد ذكره في القرآن الكريم في إشارة إلى فرق طيور العذاب التي أرسلها الله على جيش أبرهة الحبشي، فالهاتف أصبح أحد وسائل الترفيه فكيف يشترى من عنوان يحمل العذاب، وكيف يكون أحد المحلات بعنوان «موبايل للأقمشة والمنسوجات» وهو يبيع الهواتف، أو أن تكتب أسماء المحلات بأخطاء إملائية فاضحة، كل هذه الأخطاء تقع مسؤوليتها على الجهة التي توافق على التسميات التجارية، فيجب أن يكون ضمن موظفيها من يعرف معاني اللغة العربية ومناسبتها للنشاط ليوافق على التسمية أو يرفضها.