ماذا لو أصبحت عاصفة الحزم القادسية الثالثة

من أجمل ما قرأت في قضية الصراع العربي الفارسي، كلمات كتبها المفكر الغائص في عمق التاريخ والحضارات الدكتور ربيع الحافظ والذي دونها على شكل تغريدة قال فيها: «السجل العسكري للفرس مع المسلمين كله هزائم، وسجلهم الكيدي كله نجاحات، دخول الصراع معهم طوره العسكري نذر شؤم لهم وبشير خير للمسلمين».
يبدو أن العرب يدركون هذا في قرارة أنفسهم، فكل الشعوب إذا دخلت حرباً اعتلاها الهم والغم، لكننا نعيش ونشاهد اليوم حماسة وفرحة تضرب أطنابها في عالم العرب من المحيط إلى الخليج بعدما بدأت حربهم مع الفرس، حماسة وانتظار نصر لم يعيشوها منذ سنين طويلة، هذا ما يعكس ويعبر عن مدى الظلم والاستخفاف الذي أوقعته إيران في العرب، لكن ماذا لو كانت «عاصفة الحزم» امتداداً للحروب التي خاضها المسلمون العرب مع الفرس وانتصروا عليهم فيها، معركة القادسية التي بها فتح العراق وطرد الفرس منه في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومعركة القادسية الثانية التي دامت ثماني سنوات انتهت بهزيمة الفرس وتجرع الخميني كأس السم، أفلا تكون هذه هي القادسية الثالثة التي تجرع خامنئي كأس السم أيضاً وترجع للعرب كرامتهم، ولا أعني هنا أن يبدل اسم المعركة، لكن أعني ألا يكتفى بطرد الفرس من اليمن، بل من كل أرض العرب فيعود العراق إلى أهله، ويعود السوريون إلى ديارهم وتعرف لبنان معنى الاستقرار، وقد ترجع الأحواز الكبرى إلى حضنها العربي.
مع أن لليمن أهمية كبيرة، وطرد الفرس وأذنابهم منها أمر لا جدال فيه لكنها تبقى المحطة التي لم تكلف إيران ثمناً باهظاً وليست هي اليد التي توجعها، فهي مرحلة ضمن مراحل، أما اليد التي توجع إيران حقاً فهو العراق، الأرض التي دفعت فيها ثمناً باهظاً حتى أعلنها بعضهم عاصمة لإمبراطورية فارس، منه انطلقت أولى خطوات إعادة إمبراطورية فارس المقبورة، ومنه مولت إيران مشاريعها التوسعية وبه كسرت العقوبات الاقتصادية، أهل العراق قلوبهم مع هذه المعركة وأكفهم مرفوعة تدعو لجيش يقاتل فيها ليعيد للأمة كرامتها ويحررهم من احتلال الفرس، وإخراج العراق من الحسابات خذلان لأهله الذين برق الأمل في أعينهم عند انطلاق «عاصفة الحزم» فلا تخذلوهم، فالنصر حليفنا بإذن الله وسيندحر الفرس أمامنا كما اندحروا في كل مواجهاتهم العسكرية السابقة وخرجوا صاغرين أذلة.
أما ما ستحققه هذه الحرب على الصعيد الداخلي فسوف لن يجد حكام العرب فرصة أكبر من هذه لتلتف حولهم شعوبهم أكثر ويرصوا صفوفهم الداخلية، فما يميز العرب عن الفرس وأذنابهم في العالم العربي أنهم رجال دولة لا يعرفون مرجعية غير الدولة وحاكمها والدولة اليوم تعبر عما في داخلهم، أما الآخرون فمهما عاشوا على أرض العرب تبقى مرجعيتهم في قم وطهران.
الحرب مع إيران تحقق للدول العربية سلاماً لا تحققه حالة السلم مع إيران، لأن إيران لا تعرف إلا لغة القوة.

بقلم: د. فراس الزوبعي