ليس مفاجئاً أن تتوقف عاصفة الحزم فجأة، فنهاية العملية أمر طبيعي جداً، فهي عنوان لعمل عسكري وليست عنواناً لمعركة أو حرب طويلة، والعملية توصيف يطلق على أنشطة داخل حرب أو نشاط عسكري مستقل، ولعلنا نتذكر الحرب العراقية الإيرانية التي ضمت مجموعة عمليات منها رمضان مبارك وتوكلنا على الله وغيرهما الكثير، أما الحرب فكان عنوانها معركة القادسية الثانية.
عاصفة الحزم اسم لعملية ضربات جوية مكثفة، هذه الضربات كانت كثيرة وكبيرة شلت ودمرت مخزون الأسلحة لدى الحوثيين وقتلت من قادتهم وأنهكتهم وأضعفتهم إلى حد كبير، ضربات يصفها أهل اليمن أنفسهم بالدقيقة جداً لأنها لم تستهدف اليمن وبناها التحتية والمدنيين فيها، وإنما استهدفت المسلحين الحوثيين ونجحت في ذلك، وكانت عمليات مستندة إلى استخبارات ممتازة، أما القضاء على الحوثيين فلا يمكن لهذه العملية مهما طالت وكانت ناجحة أن تصل إليه لأن من المعروف أن الضربات الجوية لا تحسم معركة، لذلك توقفت عملية عاصفة الحزم بعدما حققت كل أهدافها وأصبح من الضروري إيقافها للانتقال إلى مرحلة أخرى.
المرحلة الثانية تحتاج إلى قرار سياسي لتحديدها والدخول فيها فهي إما أن تكون عملاً برياً أو حلاً سياسياً، في النهاية القرار للقيادة السياسية وليس العسكرية، ومع أن الإعلان عن نهاية العملية صاحبه إعلان عن بدء عملية جديدة باسم إعادة الأمل، أي عملية عسكرية أيضاً لأن مصطلح عملية في هكذا وضع يطلق على النشاطات العسكرية، ومن الطبيعي أن يكون العمل على الأرض ليحصد مكاسب العمل الجوي، وهنا سيتم الاعتماد على اليمنيين أنفسهم وليس الجيش السعودي أو غيره من جيوش التحالف، ومن الممكن جداً أن يتم التوصل إلى حل سياسي، لكن ما يشاع حتى الآن هو أن الحوثيين سيسلمون ما تبقى لهم من الأسلحة التي استولوا عليها ويعودون إلى أماكنهم ليشاركوا بعمل سياسي، وهذا إن تحقق فسيبقي المشكلة ولن يغيرها بل سيشرعن وضع الحوثيين ويكون تكراراً لنموذج حزب الله في لبنان، فاستعادة الشرعية في اليمن مع بقاء النفوذ الإيراني المتمثل بالحوثي سيعقد المشكلة أكثر.
وعلى أي حال، وحتى لو تم تصفية الأوضاع في اليمن وتم تحجيم النفوذ الإيراني ودور الحوثيين، وانتهت عاصفة الحزم ومن بعدها إعادة الأمل، فإن المواجهة مع إيران مستمرة لأنها لا زالت تحتل العراق الذي تعتبره الأهم بالنسبة لها، وتعبث في سوريا وتشل لبنان، وأهل هذه الدول يرفضون إيران ويعتبرون أنفسهم في معركة طويلة معها حتى وإن لم يكن للمعركة عنوان، وإن لم تصل عاصفة الحزم لهم فهذا لن يغير من موقفهم في شيء، فعاصفة الحزم عملية بلغت غايتها وتوقفت لكن المعركة مع إيران لن تتوقف.
بقلم: د. فراس الزوبعي