هل سيحاكم نابليون بالإعدام مثل هشام بن عبدالملك!

الراحل نابليون بونابرت سيحاكم في 21 مايو القادم، والخوف كل الخوف أن يكون مصيره كمصير الخليفة الأموي الراحل الذي حكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت قبل ثلاث سنوات، ومازال البحث عنه جارياً لتنفيذ الحكم!
بمناسبة مرور 200 سنة على دحر الجيش الفرنسي وهزيمته في معركة واترلو دعت منظمة اتحاد المناظرات الفرنسية لمحاكمة نابليون بعد موته، وفعلاً تم الاستجابة لطلبهم من قبل جامعة السوربون ومعهد العلوم السياسية ومدرسة التجارة العليا، وستجرى محاكمة في 21 مايو القادم، والسبب في هذه المحاكمة أن كثيراً من الفرنسيين يرون أن نابليون قاد معركة خاسرة وتسبب في مقتل مئات الجنود وهزيمة فرنسا، لكنه لم يمنح الحق في الدفاع عن نفسه في مرافعة قضائية مفتوحة بسبب نفيه مباشرة إلى جزيرة سانتا هيلانة، فالقضية عند الفرنسيين تتعلق بإنصاف التاريخ وترتبط بجانب أخلاقي وعدلي، لكن عليهم ألا يفرحوا كثيراً؛ فهم ليسوا أصحاب السبق في هذا المجال، وإن أقاموا محاكمة تتعلق بقائدهم في التاريخ الحديث فإن أذناب إيران في العراق سبقوهم قبل ثلاث سنوات عندما أقاموا محكمة لقائد أمة المسلمين جميعاً قبل 1313 سنة.
ذلك عندما عقدت نقابة المحامين في العراق، فرع النجف، محاكمة لاثنين من الخلفاء الأمويين؛ وهما هشام بن عبدالملك، ويزيد بن الوليد ووالي العراق يوسف بن عمر والحكم بن الصلت أحد ضباط الجيش الأركان، في قضية اتهامهم بقتل زين العابدين علي بن الحسين رحمه الله ورضي عن أبيه، ولأن المحاكمة عادلة فقد تألفت المحكمة من ثلاثة قضاة ومدع عام ومحاميي الدفاع والمجني عليه، لكن لم يتسن لنا التأكد من صحة وكالات المتهمين للمحامي ولم نعرف من من عائلة المجني عليه وكل المحامي.
ليس هذا فحسب فقد حضر المحاكمة اثنان من الشهود، وهؤلاء بالتأكيد أعمارهم تجاوزت عمر السلحفاة المعمرة التي توفيت الأسبوع الماضي في القاهرة لأنهم عاصروا الحدث وإلا كيف أصبحوا شهوداً، المهم في النهاية أدين المتهمون وحكموا بالإعدام شنقاً حتى الموت، وقد مرت ثلاث سنوات على الحدث ولم نسمع أن الحكومة العراقية ألقت القبض عليهم ونفذت فيهم حكم الإعدام، ما يعني أنهم مازالوا أحراراً طلقاء في قبورهم.
ومع أني أرى أن محاكمة الأموات ليست أكثر من عروض مسرحية سمجة، لكن يبقى التاريخ بحاجة إلى إعادة قراءة وغربلة وإنصاف لا إلى مهزلة، فإنصاف التاريخ شيء والمشكلة معه شيء آخر، الفرنسيون يريدون محاكمة نابليون لأنه تسبب في هزيمة فرنسا، أما أولئك الذي حاكموا هشام بن عبد الملك حاكموه لأنه بلغ بالدولة الإسلامية أبواب فرنسا حيث وقعت معركة بلاط الشهداء.

بقلم: د. فراس الزوبعي