ميليشيات العبادي إلى زوال

السؤال المهم لماذا حشر العبادي نفسه في هذه الزاوية ليس معقولاً أن يكون غبياً لدرجة أن يوفر على من يرصد ويوثق جرائم الميليشيات اعترافاً بتحمل المسؤولية كهذا؟!
ليس تجنياً على رئيس وزراء حكومة العراق حيدر العبادي أن يكون عنواناً لميلشيات إيران وأتباعها في العراق، فهو من أراد ذلك سعياً في إبقائها عاملة نشطة.
على الرغم من كل الجرائم التي ارتكبها نوري المالكي وسلفه إبراهيم الجعفري، إلا أنهما لم يعلنا صراحة أن الميليشيات جزء من الدولة أو أنهما مظلة لها، مع أنهما قدما للميليشيات كل الدعم والحصانة اللازمة خلال مدة عملهما على رأس الحكومة وحتى يومنا هذا، ومجموع الجرائم التي ارتكبت بحق العرب السنة، بدعمهم وتأييدهم وتخطيطهم أكبر بكثير من الجرائم التي ارتكبت في زمن العبادي، ليس لأنه أفضل منهما، أوأنه بعيد عن العنف، لكن مدة ترؤسه للحكومة حتى الآن قصيرة قياساً بمدة سلفيه، ومع ذلك فعل ما لم يفعلاه عندما خرج على المحطات الفضائية قبل أيام معلناً بشكل واضح مسؤوليته المباشرة عن أكثر من 30 ميليشيا شيعية إرهابية عاملة في العراق، فقد أعلن أن الميليشيات التي تحمل السلاح خارج الجيش ترتبط بمكتبه مباشرة باعتباره رئيساً للوزراء وقائداً عاماً للقوات المسلحة، ليعلن صراحة أن العراق أصبح رسمياً برعاية عصابات القتل والإرهاب، فهذه الميليشيات ليست منظمات مجتمع مدني تعنى بالطفولة والمرأة وغير ذلك حتى تعمل تحت مظلة رئيس الوزراء، وعليه لسنا متجنين عليه إن وصفنا هذه العصابات الإرهابية بميليشيات العبادي بعد اليوم.
السؤال المهم، لماذا حشر العبادي نفسه في هذه الزاوية، ليس معقولاً أن يكون غبياً لدرجة أن يوفر على من يرصد ويوثق جرائم الميليشيات اعترافاً بتحمل المسؤولية كهذا، فلا بد أن ما دفعه لتحمل هذا الحمل الثقيل هو شيء كبير، ولا يوجد شيء يستحق هذه المغامرة أكبر من بقائه شخصياً، العبادي خلال زيارته الأخيرة لأمريكا علم منها وبشكل مباشر أن مهمته التي أخفق فيها هي التخلص من ميليشيات إيران وأن عليه تسوية هذا الموضوع وعدم التلاعب فيه، لكنه لا يستطيع إنجاز هذه المهمة لأسباب أهمها أن هذه الميليشيات إيرانية الانتماء والولاء، والتخلص منها يغضب إيران التي يدين لها بالولاء أكثر من أمريكا، كما أنه يعلم أن هذه الميليشيات متغلغلة في مفاصل الدولة حتى في مكتبه الخاص، وأن أي خطوة جادة للتخلص منها سيسبقه التخلص منه شخصياً بعزل أو باغتيال لذلك لا يجرؤ حتى على إضعافها فلجأ إلى هذه المغامرة وأعلن أن ليس هناك ميليشيات وأن هذه العصابات تعمل تحت مظلته الحكومية، وهذه الخطوة إن مرت على السذج فلا يمكن أن تمر على أمريكا.
بعد إعلان العبادي مسؤوليته عن الميليشيات، وظاهرة الجثث الملقاة على الطرق واقتحام بيوت العرب السنة وارتكاب مجازر بحق النساء والأطفال داخلها عادت إلى المشهد، لتفرض الميليشيات نفسها على الواقع العراقي فهي تعيش حالياً صراعاً من أجل البقاء، قد يتجاوز هذا الصراع سنة كاملة لكن النهاية ليست لصالحهم بالتأكيد.

بقلم: د. فراس الزوبعي