مشروع الكونغرس في العراق.. وسيلة ضغط

لأمريكا تاريخ في الغزو والتعامل مع العملاء، وهي تتعامل معهم بالطريقة التي تتعامل بها في بيع السلاح، فهي لا تبيع سلاحاً إلا وتملك مضاده، وهكذا تتعامل مع من وضعتهم على رأس السلطة في العراق اليوم، تعرف كيف تحركهم بوسائل ضغط وآخرها مشروع الكونغرس الخاص بالعراق.
المشروع ببساطة عبارة عن منحة بقيمة 715 مليون دولار للحكومة العراقية لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لكنها منحة مشروطة بثلاث نقاط وهي كما يأتي وبالنص الذي ورد في المشروع: 1ـ أن تسحب الحكومة العراقية دعمها للميليشيات الشيعية. 2ـ أن تشرك جميع الأطياف في العراق بالحكم وتحديداً «السنة والأكراد». 3ـ أن تشكل «الحرس الوطني العراقي السني».
وفي حال إقرار هذا المشروع يطلب من وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين تقديم تقرير يبين مدى التزام العراق في تطبيق هذه الشروط، وإن لم يلتزم بالتطبيق فإن الولايات المتحدة تسحب 75% من المبلغ ثم تذهب 60% منه إلى البيشمركة والقبائل السنية وتتعامل معهما أمريكا كدولتين مستقلتين، وفي الواقع أن هذا المشروع ليس أكثر من أداة ضغط على الحكومة العراقية لإيران في محاولة لتحجيم النفوذ الإيراني المتعاظم هناك عن طريق تهديد الفريق الشيعي الحاكم بالعرب السنة من خلال التلويح بتقويتهم ليستعيدوا حقوقهم ويتخلصوا من ظلم الحكومة لهم، وهذه النقطة تعد اليد التي تؤلم الأحزاب والجماعات الشيعية المهيمنة على الحكم.
في النهاية هي مجرد وسيلة ضغط وما يدل على ذلك قيمة المبلغ البسيطة فهي 715 مليون دولار تؤخذ من ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية في عام 2016، وهذا المبلغ لا يسيل له لعاب من يحكم العراق اليوم لأنهم سرقوا ويسرقون مليارات الدولارات من خزينة العراق وليس بضعة مئات الملايين تكلف ثمناً باهظاً بالنسبة لهم، كذلك فإن تنفيذ المشروع بصيغته الحالية فيه شيء من الصعوبة من الناحية العملية.
فالمشروع أمامه مشوار طويل ليقر، فبعد أن مررته لجنة القوات المسلحة في الكونغرس سيذهب إلى مجلس النواب وهناك سيعدل عليه بالتأكيد ثم يتم التصويت وإذا مرر سيذهب إلى لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ ويناقش ثم سيذهب إلى مجلس الشيوخ للتصويت وإذا مرر سيذهب إلى لجنة مشتركة بين الشيوخ والنواب وإذا مرر سيذهب إلى البيت الأبيض، وهناك من حق الرئيس الأمريكي أن يستخدم الفيتو إلا إذا حصل على ثلثي الأصوات في الكونغرس وهذا أمر مستبعد لأن نسبة الديمقراطيين ليست قليلة هناك، فالمشروع سيمر بصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين.
من كل ذلك تريد أمريكا الضغط على الحكومة الشيعية في العراق لإنهاء الميليشيات وإضعاف الدور الإيراني وهذا ما لا تستطيع تحقيقه، لكن ذلك لا يعني أن أمريكا لا تريد تقسيم العراق أو على الأقل تطبيق النظام الفيدرالي فيه، فهي تسير في هذا الاتجاه وكل المؤشرات تدل على أنها ستكون في مرحلة ما بعد هذا المشروع، ولعل التفصيل في ذلك سيكون في المقال اللاحق.

بقلم: د. فراس الزوبعي