لا أدري من أين أبدأ؛ هل من قبل 45 سنة عندما عرضت مسرحية مدرسة المشاغبين التي اعتبر كثير من الناس مشاهدها تسفيهاً للتعليم، أم من أيامنا هذه التي وصل التعليم فيها إلى التسفيه؟
قبل 45 سنة وقف كل من الفنان عادل إمام والفنان الراحل سعيد صالح أمام أستاذهما «الملواني» وقالا له «اقلع» وبدأ يخلع ملابسه، ومن شاهد المسرحية يتذكر كلام سعيد صالح للملواني، وهو يقول له «ساعة ما تتزنق اقلع أي حاجة تقابلها»، هذه المشاهد والكلمات وإن لم تكن موجودة على أرض الواقع وقتها إلا أنها أثارت حفيظة كثير من الناس الذين اعتبروا ذلك إهانة لهيبة التعليم، لم يكونوا يعرفون أن التعليم نفسه بعد سنين طويلة سيطلب من الطلبة أن «يقلعوا أي حاجة تقابلهم».
أصبح هذا واقعاً بعدما أكد أستاذ أمريكي في جامعة US san Diego الأمريكية أن المرحلة الأخيرة من فصل الفنون البصرية عبارة عن حصة عملية يجب على الطلاب تنفيذها وتدعى «النفس المثيرة» وتجاوزها شرط للنجاح، ويتطلب فيها من الطلبة البالغ عددهم 20 طالباً خلع ملابسهم بالكامل وهم مجتمعون في غرفة مظلمة مضاءة بالشموع، وأستاذ المادة يقول إن هذا مطلب اعتيادي جداً حتى أنا يجب علي التعري معهم، فهو يجسد ما قاله الأستاذ الملواني قبل 45 سنة: «هو ذا الاجتماع اللي بيقلعوله» وعادل إمام يقول له «كلنا حنقلع وحتبقى زيطة».
وليتها توقفت عند هذا الحد؛ فقبل أيام جرت حملة تدعو للمساواة من خلال التعري وجلس مئات من طلبة جامعة ساندييغو الأمريكية من الذكور والإناث متعرين دون تغطية صدورهم، كي يثبتوا أن الرجال والنساء متساوون، والجامعة تساند الحملة تماماً، وقبلها أوقفت مقاطعة كيبك في كندا تعرية طلاب المدارس بغية تفتيشهم في حالة الاشتباه بحملهم مواد ممنوعة، كل ذلك انسحب على العالم العربي عندما تعرت فتاة بشكل كامل الأسبوع الماضي في العاصمة الأردنية عمان أمام المارة بعد رؤيتها رجال الأمن وهددتهم بالادعاء أنهم اعتدوا عليها إذا حاولوا اعتقالها علماً أنها متهمة بقضايا عدة.
ما هذه الثقافة التي بدأت بالانتشار في العالم الغربي والتي تقوم على التعري كتعبير عن الاعتراض أو لتحقيق المطالب؟ إذا كل مجموعة لديها مطالب تتعرى أمام خلق الله، حتماً سيكون العالم حماماً مشتركاً، وما الذي حل بطلبة الجامعات فبعد أن كانوا هم الفئة التي تحدث الإصلاح في المجتمعات أصبحوا يتعرون ويجلسون أمام بعضهم البعض للتعبير عن رأيهم، فهل جاء اليوم الذي نترحم فيه على مدرسة المشاغبين وأيامها؟!
بقلم: د. فراس الزوبعي