في 2 سبتمبر من عام 2006؛ ظهر محمد خليل الحكايمة بجانب أيمن الظواهري في تسجيل بثته قناة الجزيرة مع مجموعة من قيادات الجماعة الإسلامية في مصر، ليعلن الظواهري انضمامهم لتنظيم القاعدة، بعدها اتهمت الجماعة الإسلامية في مصر محمد الحكايمة بالعمالة لإيران في بيان لها، بعد ذلك كله تسربت أخبار عن اعتقال إيران للحكايمة وإبرام صفقة معه تقضي بحمايته وإيوائه مقابل عمله في إذاعة موجهة لدول الخليج والعراق يستخدم فيها الخطاب التحريضي لمهاجمة الشيعة بهدف استثارتهم ضد حكوماتهم، والسنة عموما، وتأليب الأوضاع وزعزعة الاستقرار في المنطقة، ليجد الشيعة بعد ذلك في إيران منقذاً ومعيناً لهم، وهو ما حدث بالفعل في الأشهر التي تلتها.
قبل هذه الأحداث بأشهر قليلة؛ إيران تفجر المراقد المقدسة عند الشيعة في سامراء -كما أعلن الأمريكان- وتشعل حربا طائفية في العراق فجرت فيها الميليشيات الشيعية عشرات المساجد وقتلت آلاف الأبرياء، قابلها عمليات استهدفت مواطنين شيعة وتفجيرات في الشوارع، والقاعدة تظهر في المشهد.
من أراد اليوم أن يفهم ما وراء تفجيرات «القديح» و«العنود» خلال الأيام العشر الماضية في السعودية؛ لا بد أن يقرأ هذا التاريخ القريب جيداً، ولا بد أن يعرف أن سياسة إيران هي نقل المعارك إلى داخل حدود الدول التي تواجهها، ولا بد أن يعرف أن من يفجر هو ليس أكثر من أداة إجرامية ترتبط بخيط استخبارات دولية أكبر منه، سواء أكان من فعلها هو من عناصر تنظيم الدولة «داعش» أو أنهم سارعوا لتبني العملية، إيران بعد أن أصبح مشروعها التوسعي في المنطقة مهدداً تريد نقل المعركة إلى الداخل السعودي، فبعد أن عملت سنوات على إثارة الرأي العام الشيعي في المنطقة من خلال ما سبق، تجد الفرصة مواتية الآن لإحداث الفوضى وإشعال حرب طائفية من خلال تفجيرات المساجد، كما فعلت في العراق عام 2006، وهي مستعدة لإدخال شيعة المنطقة العرب في حمام دم في سبيل تحقيق غاياتها، فهم بالنسبة لها ليسوا أكثر من ورقة رابحة.
بعد تفجيرات «العنود» مباشرة ارتفعت أصوات إيران في المنطقة مطالبة بتشكيل حشد شعبي شيعي في السعودية، وكثر الحديث عن اللجان الشعبية التي تحمي المساجد وإعطائها هالة إعلامية أكبر من حجمها، لتصور على أنها بديل عن رجال الأمن، وهكذا بدأت الميليشيات في العراق بدعوى حماية المقدسات، وكانت التفجيرات فرصة كبيرة للنيل من علماء الدين والدعاة في السعودية الذين يتصدون للمشروع الإيراني وانتقدت المناهج التي تتضمن التوحيد وتنبذ الشرك.
تفجيرات «القديح» و«العنود» مشاهد تتكرر يومياً على يد الميليشيات الإيرانية وبراميلها في الفلوجة وسوريا، لكن الإعلام بعيد عنها، وعلى العاقل أن يجيب على سؤال واحد فقط؛ لماذا لم يستهدف الشيعة في إيران بطلقة واحدة ويستهدفون في الدول العربية؛ مع أن دخول إيران أسهل من دخول السعودية؟ إلا أن تكون إيران مستفيدة وتريد نقل المعركة إلى ساحتنا.
بقلم: د. فراس الزوبعي